٣٥٢٨- فَجاءَتْ بِهِ سَبْطَ العِظامِ كأنَّما | عِمامَتهُ بيْنَ الرِّجالِ لِوَاءُ |
قوله :﴿ لَّكِنَّ هُوَ الله رَبِّي ﴾ : قرأ ابن عامر، ويعقوب، ونافع في رواية بإثبات الألف وصلاً ووقفاً، والباقون بحذفها وصلاً، وبإثباتها وقفاً وهي رواية عن نافعٍ، فالوقفُ وفاقٌ.
والأصل في هذه الكلمة :« لكن أنّا » فنقل حركة همزة « أنَا » إلى نون « لكِنْ » وحذف الهمزة، فالتقى مثلان، فأدغم، وهذا أحسنُ الوجهين في تخريج هذا، وقيل : حذف همزة « أنا » [ اعتباطاً ]، فالتقى مثلان، فأدغم، وليس بشيءٍ؛ لجري الأول على القواعد، فالجماعة جروا على مقتضى قواعدهم في حذف ألف « أنّا » وصلاً، وإثباتها وقفاً، وقد تقدم لك : أنَّ نافعاً يثبت ألفه وصلاً قبل همزة مضمومة، أو مكسورة، أو مفتوحة؛ بتفصيلٍ مذكورٍ في البقرة، وهنا لم يصادف همزة، فهو على أصله أيضاً، ولو أثبت الألف هنا، لكان أقرب من إثبات غيره؛ لأنه أثبتها في الوصلِ جملة.
وأمَّا ابن عامرٍ، فإنه خرج عن أصله في الجملة؛ إذ ليس من مذهبه إثبات هذه الألف وصلاً في موضع [ ما ]، وإنما اتَّبع الرسم. وقد تقدَّم أنها لغة تميمٍ أيضاً.
وإعراب ذلك : أن يكون « أنَا » مبتدأ، و « هو » مبتدأ ثانٍ، و « هو » ضمير الشأن، و « اللهُ » مبتدأ ثالث و « ربِّي » خبر الثالث، والثالث وخبره خبر الثاني، و الثاني وخبره خبر الأول، والرابط [ بين الأول ] وبين خبره الياء في « ربِّي » ويجوز أن تكون الجلالة بدلاً من « هُوَ » أو نعتاً، أو بياناً، إذا جعل « هو » عائداً على ما تقدَّم من قوله « بالذي خلقك من تراب » لا على أنَّه ضمير الشأن، وإن كان أبو البقاء أطلق ذلك، وليس بالبيِّن.
وخرَّجه الفارسي على وجهٍ غريب : وهو أن تكون « لكِنَّا » « لكنَّ » واسمها وهو « ن » والأصل :« لكنَّنا » فحذف إحدى النونات؛ نحو :﴿ إنَّا نَحْنُ ﴾ [ الحجر : ٩ ] وكان حق التركيب أن يكون « ربُّنا » « ولا نُشرِكُ بربِّنا » قال :« ولكنه اعتبر المعنى، فأفرد » وهو غريبٌ جدًّا.
قال الكسائي : فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، تقديره :« لكنَّ الله هُوَ ربِّي ».
وقرأ أبو عمرو « لكنَّهْ » بهاء السَّكت وقفاً؛ لأنَّ القصد بيان حركة نون « أنَا » فتارة تبيَّن بالألف، وتارة بهاء السكت، وعن حاتم الطائي :[ الرمل المجزوء ]
٣٥٢٩- هَكذَا فَرْدِي أَنَهْ...