وقراءة الأمر على إضمار القول، أي : يقال لأهل الجنَّة : أدخلوها، أو يقال للملائكة : أدخلوها إياهم، وعلى قراءة الإخبار يكون مستأنفاً من غير إضمارٍ، وقوله « بِسَلامٍ » حالٌ : أي : ملتبسين بالسلامة أو مسلماً عليكم.
و « آمنِينَ » حال أخرى، وهي بدلٌ مما قبلها، إما بدل كلُ من كلِّ وإما بدل اشتمالِ؛ لأن الأمن مشتملٌ على التحية أو بالعكسٍ، والمعنى : أمنين من الموت، والخورج، والآفات.
فإن قيل : إن الله تعالى [ حكم ] قبل هذه الآية بأنهم في جنات وعيون، وإذا كانوا فيها فكيف يقال لهم :« ادْخُلُوها » ؟.
فالجواب : أنَّهم لما ملكوا جنات كثيرة، فكلما أرادوا أن ينتقلوا من جنة إلى أخرى قيل لهم :﴿ ادخلوها بِسَلامٍ آمِنِينَ ﴾.
قوله تعالى :﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾ الغِلُّ : الشَّحناءُ، والعداوة الحقد الكامن ف يالقلب، مأخوذ من قولهم : أغلَّ في جوفه، وتغلغل.
قوله :« إخْوَاناً » يجوز أن يكون حالاً من « هُمْ » في « صُدُورهِمْ »، وجاز ذلك‘ لأنَّ المضاف جزءُ المضاف إليه.
وقال أبو البقاءِ : والعامل فيها معنى الإلصاق، ويجوز أن يكون حالاً من فاعل « ادْخُلوهَا » على أنها حال مقدرة، قاله أبو البقاء. ولا حاجة إليه بل هو حال مقارنة.
ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في قوله :« جَنَّاتٍ ».
قوله « على سُررٍ »، يجوز أن يتعلق بنفس « إخواناً »، لانه بمعنى متصافين، أي : متصافين على سُررٍ، قاله أبو البقاء؛ وفيه نظر؛ حيث تأويل جامدٍ بمشتقٍّ، بعيد منه.
و « مُتَقابِلينَ » على هذا حالٌ من الضمير في « إخْواناً »، ويجوز أن يتعلق بمحذوف، على أنه صفة ل « إخْواناً »، وعلى هذا ف « مُتقَابِلينَ » حالٌ من الضمير المستطنِّ في الجارِّ، ويجوز أن يتعلق ب « مُتَقَابلينَ »، أي : متقابلين على سررٍ، وعلى هذا ف « مُتَقَابلينَ » من الضمير في « إخْواناً » أو صفة ل « إخْوَاناً ».
ويجوزم نصبه على المدحِ، يعني : أنه لا يمكن أن يكون نعتاً للضمير فلذلك قطعَ.
والسُّررُ : جمع سَريرٍ، وهو معروفٌ، ويجوز في « سُررٍ »، ونحوه مما جمع على هذه الصيغةِ من مضاعف « فَعِيل » فتح العين؛ تخفيفاً؛ وهي لغة بني كلبٍ وتميم، فيقولون : سُرَرٌ وجُدَدٌ، وذلك في جمع سرير وجديد.
قال المفضل : لأنَّهم يستثقلون الضمتين المتوالتين في حرفين من جنس واحد.