والهاء في « سبيلهُ » تعود على الحوت، وكذا المرفوع في « اتَّخذَ ».
قوله :﴿ جَاوَزَا ﴾ : مفعوله محذوف، أي : جاوزا الموعد، وقيل : جاوزا مجمع البحرين.
قوله :« هَذَا » إشارة إلى السَّفر الذي وقع بعد تجاوزهما الموعد، أو مجمع البحرين، و « نَصباً » هو المفعول ب « لَلِينَا » والعامة على فتح النون والصاد، وعبد الله بن عبيد بن عمير بضمِّهما، وهما لغتان من لغاتٍ أربعٍ في هذه اللفظة، كذا قال أبو الفضل الرازيُّ في « لَوامحِهِ ».
قوله :﴿ أَرَأَيْتَ ﴾ : تقدم الكلام عليها مشبعاً في الأنعام، وقال أبو الحسن الأخفش هنا فيها كلاماً حسناً، وهو : أنَّ العرب أخرجتها عن معناها بالكليَّة، فقالوا : أرَأيْتكَ، وأرَيْتكَ بحذف الهمزة، إذا كانت بمعنى : أخْبِرْنِي « وإذا كانت بمعنى » أبْصَرْتَ « لم تحذف همزتها، وشذَّت أيضاً، فألزمها الخطاب على هذا المعنى، ولا يقال فيها أيضاً :» أرَانِي زيداً عمراً ما صَنعَ « ويقال على معنى » اعْلَمْ « وشذَّت أيضاً، فأخرجتها عن موضعها بالكليَّة؛ بدليل دخول الفاء؛ ألا ترى قوله :﴿ أرَأيْتَ إذ أوينا إلى الصَّخرةِ فإني ﴾ فمَا دخلت الفاء إلاَّ وقد أخرجت إلى معنى :» أمَّا « أو » تنبَّه «، والمعنى : أمَّا إذ أوينا إلى الصَّخرة، فإنِّي نسيتُ الحوت، وقد أخرجتها أيضاً إلى معنى » أخبرني « كما قدَّمنا، وإذا كانت بمعنى » أخبرني « فلا بدَّ بعدها من الاسم المستخبر عنه، وتلزم [ الجملة ] التي بعدها الاستفهام، وقد تخرج لمعنى » أمَّا « ويكون أبداً بعدها الشرط، وظروف الزمان، فقوله » فإنِّي نسيتُ « معناه : أمَّا إذ أوينا فإنِّ ]، أو تنبَّه إذْ أويْنَا، وليست الفاءُ إلاَّ جواباً ل » أرَأيْتَ « لأنَّ » إذْ « لا يجوز أن يجازى بها إلاَّ مقرونة ب » ما « بلا خلافٍ ».
قال الزمخشري :« أرأيت » بمعنى « أخْبرنِي » فإن قلت : ما وجه التئامِ هذا الكلام، فإنَّ كلَّ واحد من « أرَأيْتَ » ومن « إذْ أويْنَا » ومن ﴿ فإنِّي نسيتُ الحوت ﴾ لا متعلق له.
قلت : لمَّا طلب موسى الحوت، ذكر يوشع ما رأى منه، وما اعتراه من نسيانه إلى تلك الغاية، ودهش، فطفق يسأل موسى عن سبب ذلك، كأنه قال : أرأيت ما دهاني، إذ أوينا إلى الصخرة، فإنّي نسيتُ الحوت، فحذف ذلك.
قال أبو حيَّان : وهذان مفقودان في تقدير الزمخشريِّ :« أرَأيْتَ بمعنى أخبرني » يعني بهذين ما تقدَّم في كلام الأخفش من أنَّه لا بدَّ بعدها من الاسم المستخبر عنه، ولزومِ الاستفهام الجملة التي بعدها.
قال النوويُّ في « التهذيب » يقال : أوى زيدٌ بالقصر : إذا كان فعلاً لازماً، وآوى غيره بالمدِّ : إذا كان متعدِّياً، فمن الأول هذه الآية قوله :


الصفحة التالية
Icon