وقرىء :« لا تَأجَلْ »، والأصل :« تَوْجل » كقراءة العامة، إلاَّ أبدل من الواو ألفاً لانفتاح ما قبلها، وإن لم تتحرَّك كقولهم :« تَابةٌ »، و « صَامةٌ » في « تَوْبة »، و « صَوْمة » وسمع : اللَّهُم تقبَّل تَابتِي، وصَامتِي. وقرىء أيضاً :« لا تُواجِل » من المواجلة.
ومعنى الكلام : لاتخف؛ « إنَّا نَبشِّرُكَ »، قرأ حمزة :« إنَّا نَبْشُركَ » بفتح النون وتخفيف الباء، والباقون بضم النون، وفتح الباء، و « إنَّا نُبشِّركَ » استئناف بمعنى التعليل للنهي عن الوجل، والمعنى إنَّك بمثابة الآمن المبشر فلا توةجل.
واعلم أنَّهم بشروهن بأمرين :
أحدهما : أنَّ الولد ذكرٌ، والثاني : أنه عليمٌ.
فقيل : بشَّروه بنبوته بعده، وقيل : عليم بالدِّين، فعجب إبراهيم أمره و ﴿ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي على أَن مَّسَّنِيَ الكبر ﴾ قرأ الأعرج :« بشَّرتُمونِي » بإسقاط أداة الاستفهام، فيحتمل الأخبار، ويحتمل الاستفهام، وإنما حذفت أدلته للعلم به.
وِ « على أنْ مسَّنيَ » في محل نصبٍ على الحال.
وقرأ ابن محيصن :« الكُبْر » بزنة « فُعْقولهخ :» فبمَ تبشّرون « » بِمَ « متعلقٌ ب » تُبشِّرُون «، وقدم وجوباً؛ [ لأنه ] استفهام وله صدر الكلام.
وقرأ العام : بفتح النون مخففة على أنها نون الرفع؟ ولم يذكر مفعنول التبشير، وقرأ نافع بكسرها، والأصل : تبشروني فحذف الياء مجتزئاً عنها بالكسرة.
وقد غلطه أبو حاتم، وقال : هذا يكون في الشعر اضطراراً.
وقال مكي :» وقد طعن في هذه القراءة قومٌ لبُعدِ مخرجِها في العربيَّة؛ لأنَّ حذف النون التي تصحبُ الياء لا يحسنُ إلاَّ في الشِّعر، وإن قُدِّر حذف النون الأولى حذفت [ علم ] الرفع من غير ناصب، ولا جازم؛ ولأنَّ نون الرفع كسرها قبيحٌ، إنَّما حقُّها الفتح «.
وهذا الطعن لا يتلفت إليه، لأنَّ ياء المتكلم قد كثر حذفها مجتزءاً عنها بالكسرة، وقد قرىء بذلك في قوله تعالى :﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ الله تأمرونيا ﴾ [ الزمر : ٦٤ ] كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
ووجهه : أنَّه لما اجتمع نونان أحدهما نون الرفع، والأخرى نون الوقاية استثقل اللفظ، فمنهم من أدغم، ومنهم من حذف، ثم اختلف في المحذوفة، هل هي الأولى، أو الثانية، وتقدَّم الكلام على ذلك في سورة الأنعام [ الأنعام : ٨٠ ].
وقرأ ابن كثير بتشديدها مكسورة، أدغم الأولى في الثانية، وحذف ياء الإضافة، والحسن : أثبت الياء مع تشديد النون، ورجح قراءة من أثبت مفعول :» يُبشِّرُون « وهو الياء.
قوله :﴿ قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بالحق ﴾ » بَشَّرناكَ «، و » بالحقِّ « متعلق بالفعل قبله، وضعف أن يكون حالاً، أي : قالوا بَشَّرنَاكَ.
ومعنى :» بالحَقِّ « هنا استفهام بمعنى التعجُّب، كأنه قيل : بأيَّ أعجوبةٍ تبشروني؟.