الثاني : أن يكون ﴿ هَؤُلآءِ بَنَاتِي ﴾ مبتدأ وخبراً، ولا بدَّ من شيء محذوف تتمُّ به الفائدة، أي : فتزوَّجُوهنَّ.
الثالث : أن يكون « هَولاءِ » مبتدأ، و « بَناتِي » بدلٌ، أو بيان والخبر محذوف، أي : هُنَّ أطهر لكم كما جاء في نظيرتها.
وتقدَّم الكلام على هذه المعاني في هود.
قوله ﴿ لَعَمْرُكَ ﴾ مبتدأ محذوف الخبر وجوباً، ومثله : لايْمُن الله، و « إنَّهُمْ »، وما في حيزه جواب القسم، تقديره : لعمرك قسمي، أو يميني إنهم، والعُمُرُ والعَمْر بالفتح والضم هو البقاء، إلا أنَّهم التزموا الفتح في القسم.
قال الزجاج : لأنه اخفُّ عليهم، وهم يكثرون القسم ب « لعَمْرِي ولعَمْرُكَ ».
وله أحكام كثيرة :
منها : أنه متى اقترن بلام الابتداء؛ ألزم فيه الرفع بالابتداء، وحذف خبره لسد جواب القسم مسدَّه.
ومنها : أنه يصير صريحاً في القسم، أي : يتعيَّن فيه، بخلاف غيره نحو : عَهْدُ اللهِ ومِثَاقُه.
ومنها : أنه يلزم فتح عينه.
فإن لم يقترن به لام الابتداء، جاز نصبه بفعلٍ مقدرٍ، نحو : عَمْرُ اللهِ لأفعلنَّ، ويجوز حينئذٍ في الجلالة وجهان :
النَّصبُ والرفع فالنصب على أنه مصدرٌ مضاف لفاعله، وفي ذلك معنيان :
أحدهما : أن الأصل : أسألك بعمرك الله، أي : بوصفك الله تعالى بالبقاء، ثم حذف زوائد المصدر.
والثاني : أن المعنى : بعبادتك الله، والعَمْرُ : العِبادةُ.
حكى ابن الأعرابي : إنِّي عمرتُ ربِّي، أي : عبدته، وفلان عامر لربِّه، أي : عابده.
وأمَّا الرفع : فعلى أنه مضاف لمفعوله.
قال الفارسي رحمه الله : معناه [ عَمَّرك ] الله تعميراً، وقال الأخفش : أصله : أسْألك بِيُعمرك الله، فحذف زوائد المصدر، والفعل، والياء، فانتصب، وجاز أيضاً ذكر خبره، فتقول : عمرك قسمي لأقومن، وجاز أيضاً ضمُّ عينه، وينشد بالوجهين قوله :[ الخفيف ]
٣٢٨٣ أيُّهَا المُنْكِحُ الثُريَّا سُهَيلاً | عَمركَ الله كيْفَ يَلتقِيَانِ |
هِيَ شَامِيَّةٌ إذَا ما استقلَّتْ | وسُهَيْلٌ إذا اسْتقل يَمانِي |
ويجوز دخول باء الجر عليه؛ نحو : بعمرك لأفعلنَّ؛ قال :[ الوافر ]
٣٢٨٤ رُقيَّ بِعمْرِكُم لا تَهْجُرينَا | ومَنِّينَا المُنَى ثُمَّ امْطُلينا |
وهو من الأسماء اللازمة للإضافة، فلا يقطع عنها، ويضاف لكل شيء، وزعم بعضهم : أنه لا يضاف إلى الله تعالى.
قيل : كان هذا يوهم أنه لا يستعمل إلا شفي الانقطاع، وقد سمع إضافته للباري تعالى. قال الشاعر :[ الوافر ]
٣٢٨٥ إذَا رَضِيَتْ عليَّ بَنُو قُشيْرٍ | لعَمْرُ الله أعْجَبنِي رِضَاهَا |
ومنع بعضهم إضافته إلى ياء المتكلِّم، قال لأنه حلف بحياة المقسم، وقد ورد ذلك، قال النابغة :[ الطويل ]
٣٢٨٦ لعَمْرِي وما عمْرِي عليَّ بِهيِّنٍ | لقد نَطقَتْ بُطلاً عليَّ الأقَارعُ |
وقد قلبته العرب لتقديم رائه على لامه، فقالوا : وعملي، وهي رديئة.
« إنَّهُمْ » العامة على كسر
« إنَّ » لوقوع اللام في خبرها، وقرأ أبو عمرو في رواية الجهضمي له
« أنَّ » فتحها، وتخريجها على زيادة اللام، وهي كقراءة ابن جبيرٍ ( ألا أنهم ليأكلون الطعام ] بالفتح.