وهذا الاستبعاد قريب.
وقال أبو البقاء :« حتَّى » تَحكي ما بعدها ههنا، وليست متعلقة بفعل.
قوله :﴿ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة ﴾ تقدم الكلام في « إمَّا » من كونها حرف عطف أو لا، ولا خلاف أنَّ أحد معانيها التفصيل كما في الآية الكريمة.
و « العَذَابَ » و « السَّاعَةَ » بدلاً من قوله :« مَا يُوعَدُون » المنصوبة ب « رَأوا »، و « فَسَيعْلَمُونِ » جواب الشرط. « مَنْ هُو شرٌّ مكاناً » يجوز أن تكون « مَنْ » موصولة بمعنى « الَّذي »، ويكون مفعولاً ل « يَعْلَمُونَ » ويجوز أن تكون استفهامية في محل رفع بالابتداء، و « هُوَ » مبتدأ ثان، و « شرٌّ » خبره، والمبتدأ والخبر خبر الأول، ويجوز أن تكون الجملة معلقة لفعل الرؤية، فالجملة في محل نصب على التعليق.
فصل
قال المفسرون : مَدَّ له الرحمن، أي : أمهله، وأملى له في الأمر، فأخرج على لفظ الأمر ومعناه الخبر، أي : يدعه في طغيانه، ويمهله في كفره ﴿ حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب ﴾ وهو الأسر، والقتل في الدنيا، و « إمَّا السَّاعةَ » يعني القيامة، فيدخلون النار.
وقوله :« وإمَّا السَّاعة » يدلُّ على أنَّ المراد بالعذاب عذاب يحصل قبل يوم القيامة، فيحتمل أن يكون المراد به الأسر والقتل كما تقدم، ويحتمل أن يكون عذاب القبر، ويمكن أن يكون تغير أحوالهم من العز إلى الذُّل، ومن الغنى إلى الفقر، ومن الصحة إلى المرض، ومن الأمن إلى الخوف. « فَسَيَعْلمُونَ » عند ذلك « مَنْ هُو شرٌّ مكاناً » منزلاً، « وأضْعَفُ جُنْداً » أقل ناصراً، لأنَّهم في النار والمؤمنون في الجنة، وهذا ردٌّ عليهم في قولهم :« أيُّ الفريقَيْن خيرٌ مَقَاماً وأحْسَنُ نَدِيًّا ».