قوله :« أزًّا » مصدر مؤكد. والأزُّ، والأزيزُ، والاستفزاز. قال الزمخشري : أخوات وهو التهيج وشدة الإزعاج، أي : تغريهم على المعاصي، وتهيجهم لها بالوساوس.
قال ابن عباس :« تَؤزُّهُمْ أزًّا » أي : تزعجهم في المعاصي إزعاجاً من الطاعة إلى المعصية.
والأزُّ أيضاً : شدة الصوت، ومنه : أزَّ المِرْجَلُ أزًّا وأزيزاً، أي : غلا واشتد غليانه حتى سمع له صوت، وفي الحديث « فكَان له أزيزٌ » أي للجذع حين فارقه النبي ﷺ.
قوله :﴿ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ﴾ أي : لا تعجل بطلب عقوبتهم، يقال : عجلت عيله بكذا إذا استعجلت منه « إنَّا نعدُّ لهُمْ عدًّا ».
قال الكلبي : يعني الليالي والأيام والشهور والأعوام.
وقيل : الأنفاس التي يتنفّسون بها في الدنيا إلى الأجل الذي أجِّل لعذابهم.
وقيل : نَعُدُّ أنفاسهم وأعمالهم فنجازيهم على قليلها وكثيرها.
وقيل : نَعُدُّ الأوقات، أي : الوقت الأجل المعين « لكل أحد » الذي لا يتطرق إليه الزيادة والنقصان.
قوله :« يَوْمَ نَحشُرُ » منصوب ب « سَيَكْفُرون »، أو ب « يَكونُونَ » عليْهِمْ ضدًّا « أو ب » نَعُد « لأن » نَعُدُّ « تضمن معنى المجازاة، أو بقوله :» لا يَمْلِكُونَ « الذي بعده، أو بمضمر وهو » اذكُرْ « أو » احْذَرْ «.
وقيل : هو معمول لجواب سؤال مقدر كأنه قيل :» متى يكون ذلك؟ فقيل « : يكون يوم نحشر.
وقيل : تقديره : يوم نحشر ونسوق : نفعل بالفريقين ما لا يحيط به الوصف.
قوله :» وفداً « نصب على الحال، وكذا » ورْداً «.
والوَفْدُ : الجماعة الوافدون، يقال : وَفَدَ يَفِدُ وَفْداً ووفوداً وفَادَةً، أي : قدم على سبيل التكرمة، فهو في الأصل مصدر ثم أطلق على الأشخاص كالضيف.
وقال أبو البقاء : وفد جمع وافد مثل راكب ورَكْب، وصاحب وصَحْب.
وهذا الذي قاله ليس مذهب سيبويه، لأن فاعلاً لا يجمع على فعل عند سيبويه. وأجازه الأخفش.
فأمَّا رَكْب وصَحْب فاسما جمع لا جمع بدليل تصغيرها على ألفاظها، قال :
٣٦٢٥- أخْْشَى رجَيْلاً وَرُكَيْباً عَاديَا... فإن قيل : لعل أبا البقاء أراد الجمع اللغوي.
فالجواب : أنه قال بعد قوله هذا : والوِرْد اسم لجمع وارد. فدل على أنه قصد الجمع صناعة المقابل لاسم الجمع. والوِرْد اسم للجماعة العطاش الواردين للماء، وهو أيضاً في الأصل مصدر أطلق على الأشخاص، يقال : وَرَد الماء يردُه وِرْداً وورُوداً، قال الشاعر :
وقال أبو البقاء : هو اسم لجمع وارد، » وقيل : هو بمعنى وارد « وقيل : هو محذوف من وراد، وهو بعيد. يعني أنه يجوز أن يكون صفة على فَعْل. وقرأ الحسن والجحدري » يُحْشَرُ المتَّقُونَ « » ويُسَاقُُ المُجْرِمُون « على ما لم يسم فاعله.
٣٦٢٦- رِدِي رِدِي وِرْدَ قَطَاةٍ صَمًّا كَدريَّةٍ أعْجَبْهَا بَرْدَ الْمَا