فظهر أن المراد من العد كلمة الشهادة، وظهر وجه الدلالة على ثبوت الشفاعة أهل الكبائر.
قوله تعالى :﴿ وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً ﴾ تقدم خلافُ القراء في قوله « ولداً » بفتح اللام وسكونها، وأنهما لغتان مثل العَرَبِ والعُرْبِ والعَجَم والعُجْم.
واعلم أنَّه لمَّا ردَّ على عبدة الأوثان عاد إلى الرَّد على من أثبت له ولداً.
فقالت اليهود : عزيزٌ ابنُ الله، وقالت النصارى : المسيحُ ابن الله، وقالت العرب : الملائكة بناتُ الله. وههنا الرد على الذين قالوا : الملائكة بنات الله، وهم العرب الذين يعبدون الأوثان، لأن الرد على النصارى تقدم أول السورة.
قوله :﴿ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً ﴾. العامة على كسر الهمزة من « إدَّا »، وهو الأمر العظيم المنكر المتعجب منه. قاله ابن عباس. « وقال مجاهد : عظيماً » وقرأ أمير المؤمنين والسلمي بفتحها. وخرَّجوه على حذف مضاف، أي شيئاً أدَّ « لأنَّ الأدَّ - بالفتح- يقال : أدَّ الأمر وأدَّني يؤدِّنِي أدَّا. أي : أثقلني.
وكان أبو حيان ذكر : أنَّ الأدَّ والإد- بفتح الهمزة وكسرها- هو العجب، وقيل :» هو العظيم المنكر، والإدَّة : الشدَّة. وعلى قوله : إنَّ الأدّ والإدّ بمعنى واحد ينبغي أن لا يحتاج إلى حذف مضاف « إلا أن يريد أنَّه أراد بكونهما بمعنى العجب في المعنى لا في المصدرية وعدمها، والإدَد في كلام العرب الدواهي.
قوله :» تَكَادُ «. قرأ نافع والكسائي بالياء من تحت. والباقون بالتاء من فوق وهما واضحتان، إذ التأنيث مجازي. وكذا في سورة الشورى.
وقرأ أبو عمرو : وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم، وحمزة » يَنْفَطْرن « مضارع انفطرَ، لقوله تعالى :﴿ إِذَا السمآء انفطرت ﴾ والباقون :» يتفَطّرْن « » مضارع تفطَّر « بالتشديد في هذه السورة، وأما التي في الشورى فقرأها حمزة وابن عامر بالياء والتاء وتشديد الطاء. والباقون على أصولهم في هذه السورة. فتلخص من ذلك أن أبا بكر وأبا عمرو يقرآن بالياء والنون في السورتين. وأن نافعاً وابن كثير والكسائي وحفصاً عن عاصم يقرءون بالياء والتاء وتشديد الطاء فيهما، وأن حمزة وابن عامر في هذه السورة بالياء والنون، وفي الشورى بالياء وتشديد الطاء » فالانفطار من فطرهُ إذا شقه، « والتفطُّر إذا شقَّقهُ »، وكرر فيه الفعل.
قال أبو البقاء : وهو هنا أشبه بالمعنى، أي : التشديد.
و « يَتَفَطَّرْنَ » في محل نصب « خبراً ل » كَانَ « وزعم الأخفش أنها هنا بمعنى الإرادة، وأنشد :٣٦٢٨- كَادَتْ وكِدْتُ وتِلْكَ خَيْرُ إرَادةٍ لَوْ عَادَ مِنْ زمنٍ الصِّبابةِ مَا مَضَى
فصل
يقال : انفطر الشيء وتفطَّر أي تشقَّق. وقرأ ابن مسعود » يتصَدَّعْنَ «.
و » تَنْشَقُّ الأرْضُ « أي تخسفُ بهم، والانفطار في السماء، أي : تسقط عليهم.
» وتخُرُّ الجِبَالُ هدَّاً « أي : تُهَدُّ هَداً، بمعنى » تنطبق عليهم.