فلا ينقاس، بل ما جاء من ذلك هو نادر كقول امرئ القيس :
٣٦٣٠- وقُوفاً بِهَا صَحْبِي عَليَّ مَطِيُّهُمْ | يقُولونَ لا تَهْلَكْ أسّى وتجمَّلِ |
الخامس : أنَّه خبر مبتدأ محذوفٍ، تقديره : الموجب لذلك دعاؤهم. كذا قدره أبو البقاء. و « دَعَا » يجوز أن يكون بمعنى سمَّى، فيتعدى لاثنين، ويجوز جر ثانيهما بالباء، قال الشاعر :
٣٦٣١- دَعَتْنِي أخَاهَا أمُّ عَمْرٍو ولمْ أكُنْ | أخَاهَا ولَمْ أرْضَعْ لهَا بِلبَانِ |
دَعَتْنِي أخَاهَا « بَعْدَمَا كَانَ بَيْنَنَا | مِنَ الفِعْلِ ما لا يفعلُ الأخوانِ » |
٣٦٣٢- ألا رُبَّ مَنْ يُدْعَى نَصِيحاً وإن تَغِبْ | تَجِدْهُ بِغَيْبٍِ مِنْكَ غَيْرَ نَصِيحِ |
٣٦٣٣- إنَّا بَنِي نَهْشَلٍ لا نَدَّعِي لأب | عَنْهُ ولا هُوَ بالأبْنَاءِ يَشْرِينَا |
« يَنْبَغِي » مضارع انْبَغَى، وانْبَغَى مطاوعٌ لبغى، أي : طلب، و « أنْ يتَّخِذَ » فاعله. وقد عد ابن مالك « يَنْبَغِي » في الأفعال التي لا تتصرف.
وهو مردودٌ عليه، لأنه قد سُمِعَ فيه الماضي قالوا : انْبَغَى. وكرَّر لفظ « الرَّحْمَنِ » تنبيهاً على أنه - تعالى- هو الرحمنُ وحدهُ، لأن أصول النعم وفروعها ليست إلا منه.
فصل
قال ابن عباس وكعب : فَزِعَت السَّمواتُ والأرضُ والجبالُ وجميعُ الخلائق إلا الثقلين، وكادت أن تزول، وغضبت الملائكةُ، واستعرت جهنم حين قالوا : لله ولدٌ، ثم نفى الله- تعالى- عن نفسه فقال :« وما يَنْبَغِي للرَّحمنِ أن يتَّخذَ ولداً » أي : ما يليق به « اتِّخاذُ الولد »، لأنة ذلك محال؛ أما الولادة المعروفة فلا مقالة في امتناعها، وأما التبني، فلأن الولد لا بد وأن يكون شبيهاً بالوالد، ولا شبيه لله - تعالى-، ولأن اتخاذ الولد إنَّما يكون لأغراض إما لسرور، أو استعانةٍ، أو ذكرٍ جميلٍ، وكلُّ ذلك لا يصح في الله - تعالى-.
قوله :﴿ إِن كُلُّ مَن فِي السماوات والأرض ﴾. يجوز في « مَنْ » أن تكون نكرة موصوفة، وصفتها الجار بعدها، ولم يذكر أبو البقاء غير ذلك، وكذا الزمخشري إلا أن ظاهر عبارته تقتضي أنه لا يجوز غير ذلك، فإنه قال :« مَنْ » موصوفة فإنها وقعت بعد « كُل » « نكرة أشبهت وقوعها بعد » رُبَّ « في قوله :