٣٦٣٤- ربَّ مَنْ أنْضِجَتْ غَيْظاً صَدْرَهُ... انتهى «.
ويجوز أن تكون موصولة. قال أبو حيان : ما كُل الذي في السموات، و »
كلُّ « تدخل على الذي، لأنها تأتي للجنس كقوله- تعالى- :﴿ والذي جَآءَ بالصدق وَصَدَّقَ بِهِ ﴾ [ الزمر : ٣٣ ] ونحوه :
٣٦٣٥- »
وكُلُّ الذي « حَمَّلْتَنِي أتحَمَّلُ... يعني أنه لا بد » من تأويل « الموصول بالعموم حتى تصح إضافة » كُل « إليه، ومتى أريد به معهود بعينه لشخص استحال إضافة » كُلّ « إليه.
و »
آتِ الرَّحْمَنِ « خبر » كل « جعل مفرداً حملاً على لفظها، ولو جمع لجاز، وقد تقدم أول الكتاب : أنها متى أضيفت لمعرفة جاز الوجهان. وقد تكلم السهيلي في ذلك فقال :» كُلُّ « إذا ابتدئت وكانت مضافة لفظاً يعني لمعرفة فلا يحسن إلا أفراد الخبر حملاً على المعنى، تقول : كُلكم ذاهب، أي : كل واحد » منكم ذاهب، هكذا هذه المسألة في القرآن والحديث والكلام الفصيح. فإن قلت في قوله :﴿ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ ﴾ : إنما هو حمل على اللفظ، لأنه اسم مفرد. قلنا : بل هو اسم للجمع، واسم الجمع لا يخبر عنه بإفراد، تقول : القوم ذاهبُون، ولا تقول : ذاهب، وإن كان لفظ « القَوْم » لفظ المفرد، وإنما حسن « كُلكُم ذاهِبٌ » لأنهم يقولون : كل واحد منكم ذاهب، فكان الإفراد مراعاة لهذا المعنى.
قال أبو حيان : ويحتاج « كُلكُم ذاهِبُون » ونحوه إلى سماع ونقل عن العرب.
قال شهاب الدين : وتسمية الإفراد حملاً على المعنى غير الاصطلاح بل ذلك حمل على اللفظ والجمع هو الحمل على المعنى.
وقال أبو البقاء : ووحد « آتِي » حملاً على لفظ « كُل »، وقد جمع في موضع آخر حملاً على معناها.
قال شهاب الدين : قوله : في موضع آخر. إن عني في القرآن فلم يأت الجمع إلا و « كُل » مقطوعة عن الإضافة نحو ﴿ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٣٣ ] ﴿ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ﴾ [ النمل : ٨٧ ]، وإن عني في فيحتاج إلى سماع عن العرب كما تقدم.
والجمهور على إضافة « آتي » إلى « الرَّحمَن ».
وقرأ عبد الله بن الزبير وأبو حيوة وطلحة وجماعة بتنويه ونصب « الرَّحْمَن » وانتصب « عَبْداً » و « فَرْداً » على الحال.

فصل


المعنى : أن كل معبود من الملائكة في السموات وفي الأرض من الناس إلا ياتي الرحمن يلتجئ إلى ربوبيته عبداً منقاداً مطيعاً ذليلاً خاضعاً كما يفعل العبيد. ومنهم من حمله على يوم القيامة خاصة.
والأول أولى، لأنه لا تخصيص فيه.
﴿ لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً ﴾ أي : عدَّ أنفاسهم وأيامهم وآثارهم، فكلهم تحت تدبيره وقهره محيط بهم لا يخفى عليه شيء من أمورهم، ﴿ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ ﴾ أي : كل واحد منهم يأتيه ﴿ يَوْمَ القيامة فَرْداً ﴾ وحيداً ليس معه من الدنيا شيء « ويبرأ المشركون منهم ».


الصفحة التالية
Icon