فكيف يليق ذلك بالإله سبحانه وتعالى؟ وأجيب عن ذلك بوجهين :
الأول : أن كلامه تعالى وإن كان قديماً إلا أنه في الأزل لم يكن أمراً ولا نهياً.
الثاني : أنه كان أمراً بمعنى أنه وجد في الأزل شيء لما استمر إلى ما يزال صار الشخص به مأموراً من غير وقوع التغير في ذلك الشيء، كما أن القدرة تقتضي صحة الفعل، ثم إنها كانت موجودة في الأزل من غير هذه الصحة، فلما استمرت إلى ما لا يزال حصلت الصحة، فكذا ههنا، وهذا كلام فيه غموض وبحث دقيق.
فصل
قال بعضهم : في الآية دلالة على كراهة الصلاة والطواف في النعل، والصحيح عدم الكراهة، لأنا عللنا الأمر بخلع النعلين لتعظيم الوادي، وتعظيم كلام الله تعالى كان الأمر مقصوراً على تلك الصورة.
وإن عللناه بأن النعليْن كانتا من جلد حمار ميِّت، فجائز أن يكون محظوراً لبس جلد الحمار الميت، وإن كان مدبوغاً، فإنْ كان ذلك فهو منسوخ بقوله عليه السلام :« أَيُّمَا إِهَابٍ دُبغَ طَهُرَ » « وقد صلى النبي - ﷺ - في نعليْه ثم خلعهما في الصلاة، فخلع الناس نعالهم فلما سلم قال : ما لكم خلعتم نعالكم؟ قالوا : خلعتَ فخلعنا قال :» فإنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ أخبرَنِي أنَّ فيهِمَا قذراً « فلم يكره النبي ﷺ الصلاة في النعل، وأنكر على الخالعين خلعها، وأخبرهم أنه إنما خلعهما لما فيهما من القذر.
فصل
قال عكرمة وابن زيد : طُوَى : اسم للوادي.
قال الضَّحاك : طُوَى : واد مستدير عميق الطويّ في استدارته.
وقيل : طُوَى معناه مرتين نحو ثنى. أي : قدِّس الوادي مرتين أي : نُودِيَ موسَى نِدَاءَيْن يقال : ناديته طُوًى أي : مثنى. وقيل : طُوى أي؛ طيًّا. قال ابن عباس : إنه مرَّ بذلك الوادي ليلاً فطواه، فكان المعنى بالوادي الذي طويته طيًّا أي : قطعته حتى ارتفعت إلى أعلاه، ومن ذهب إلى هذا قال : طُوًى مصدر أخرج عن لفظه كأنه قال : طويتُه أطوِي طُوًى كما يقال : هدى يهدي هُدًى.