وواخذه أبو حسان في قوله : على نية التعريف. قال : لأنه وإن كان ضُحَى ذلك اليوم بعينه فليس على نية التعريف بل هو نكرة، وإن كان من يوم بعينه، لأنه ليس معدولاً عن الألف واللام كسَحَر، ولا هو معف بالإضافة، ولو قلت : جئت يوم الجمعة بَكراً، لم ندع أن بكراً كعرفة وإن كنت تعلم أنه من يوم بعينه.
الثالث : أن يكون « مَوْعِدُكُم » مبتدأ، والمراد به المصدر، و « يَوْمَ الزِّينَةِ » ( ظرف له، و « ضُحَى » منصوب على الظرف خبراً للموعد كما أخبر عنه في الوجه الأول ب « يَوْمَ الزِّينَةِ » ) نحو : القتال يوم كذا.
قوله :« وَأنْ يُحْشَرَ النَّاسُ » في محله وجهان :
أحدهما : البحر نسقاً ( على الزينة أي : مَوْعِدُكُم يومَ الزّينةِ ويوم أن يُحْشَرَ ويومَ حَشْر النَّاس ).
والثاني : الرفع نسقاً على « يوم ». التقدير : موعدكم يوم كذا وموعدكم أن يُحْشَرَ الناس أي حشرهم.
وقرأ ابن مسعود والجحدري وأو نهيك وعمرو بن فائد « وَأنْ تَحْش الناس » بتاء الخطاب في « تَحْشرَ » وروي عنهم « يَحشر بياء الغيبة، و » الناسَ « نصب في كلتا القراءتين ( على المفعولية ) والضمير في القراءتين لفرعون أي وأن تَحْشرَ أنتَ يا فرعونُ ( أوْ وأنْ يَحْشُرَ فرعون ).
وجوز بعضهم أن يكون الفاعل ضمير اليوم في قراءة الغيبة، وذلك مجاز لما كان الحشر واقعاً فيه نشب إليه نحو : نهاره صائم، وليله قائم.
و » ضُحَى « نصب على الظرف العامل فيه » يُحْشَر « ويذكر ويؤنث » والضَّحاء « بالمد وفتح الضاد فوق الضحى، لأن الضُّحى ارتفاع النهار والضَّحاءُ بعد ذلك، وهو مذكر لا غير.
فصل
قال مجاهد وقتادة والسدي :» يَوْمُ الزِّينَةِ « كان يوم عيد لهم يتزيَّنُون فيه، ويجتمعون في كل سنة. وقيل : هو يوم النيروز، قاله مقاتل.
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير : يوم عاشوراء.
واختلفوا في القائل ﴿ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة ﴾ فقيل : هو فرعون بيِّن الوقت. قال : القاضي : لأن المطالب بالاجتماع هو فرعون.
والظاهر أنه من كلام موسى لأن جواب لقول فرعون ﴿ فاجعل بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً ﴾ وأيضاً : إن تعيين يوم الزينة يقتضي اطلاع الكل على ما سيقع فيه، فتعيينه إنما يليق بالمحق الذي يعرف أن اليد له لا بالمبطل الذي يعرف أنه لس معه إلا التلبيس.
وأيضاً : فقوله :» مَوْعِدُكُمْ « خطاب للجميع، فلو جعلناه من فرعون لموسى وهارون لزم إما حمله على التعظيم وذلك لا يليق بحال فرعون معهما، أو على أن أقل الجمع اثنان وهو غير جائز، أما لو جعلناه من موسى إلى فرعون وقومه استقام الكلام.
وإنما أوعدهم ذلك اليوم، ليكون علو كلمة الله، وظهور دينه وكبت الكافرين، وزهوق الباطل على رؤوس الأشهاد في المجمع العام ليكثر المحدث بذلك الأمر العجيب في كل بدو وحضر، ويشيع في جميع أهل الوبر والمدر. قال القاضي : إنه عين اليوم بقوله » يَوْمَ الزِّينَةِ «، ثم عين من اليوم وقتاً معيناً بقوله :﴿ وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى ﴾ أي : وقت الضحوة نهاراً جهاراً.