انتهى.
قال شهاب الدين : وما ردَّ به غير لازم له، لأنه ردَّ عليه بقول بعض النحاة، وهو يلزم ذلك القول حتى يرد به عليه لا سيما إذا كان المشهور غيره ومقصوده تفسير المعنى. وقال أبو البقاء : الفاء جواب ما حذف وتقديره : فألقوا فإذا، ف « إذا » في هذا ظرف مكان العامل فيه « ألْقُوا ». وفي هذا نظر. ، لأن « أَلْقُوا » هذا المقدر لا يطلب جواباً حتى يقول : الفاء جوابه، بل كان ينبغي أن يقول : الفاء عاطفة هذه الجملة الفجائية على جمبة أخرى مقدرة، وقوله : ظرف مكان هذا مذهب المبرد، وظاهر قول سيبويه أيضاً وإن كان المشهور بقاؤها على الزمان وقوله : إن العامل فيها « فَألْقُوا » لا يجوز لأن الفاء تمنع من ذلك. هذا كلام أبي حيان. ثم قال بعده : ولأن « إذا » هذه إنما هي معمولة لخبر المبتدأ الذي هو حبالهم وعصيهم إن لم يجعلها هي في موضع الحال، وهذا نظير : خرجت فإن الأسد رابضٌ ورابضاً، وإذا رفعت رابضاً كانت إذا معمولة له والتقدير : فبالحضرة الأسد رابض، أو في المكان، وإذا نصبت كات « إذا » خبراً، ولذلك يكتفى بها وبالمرفوع بعدها كلاماً نحو خرجت فإذا الأسد.
قوله :« يُخَيَّل إلَيْهِ » قرأ العامة « يُخَيَّل » بضم الياء الأولى وفتح الثانية مبنيًّا للمفعول، و « أنَّهَا تَسْعَى » مرفىع بالفعل قبله لقيامه مقام الفاعل تقديره : يُخَيَّل إليه سعيُهَا.
وجوز أبو البقاء فيه وجهين :
أحدهما :( أن يكون القائم مقام الفاعل ضمير الجِبضاِ والعِصِيّ وإنما ذكَّر ولم يقل « تُخَيَّلُ » بالتاء من فوق، لأن تأنيث الحبال غير حقيقي.
الثاني : أن القائم مقام الفاعل ضمير يعود على الملقي، فلذلك ذكر. وعلى الوجهين : ففي قوله :« أنَّهَا تَسْعَى » وجهان أحدهما ) : أنه بدل اشتمال من ذلك الضمير المستتر أيضاً، والمعنى : يُخَيَّل إليه هي أنها ذات سعي. ولا حاجة إلى هذا، وأيضاً فقد نصوا على أن المصدر المؤول لا يقع موقع الحال، لو قلت : جاء زيد أن رَكَض، تريد ركضاً بمعنى ذا ركض لم يجز.
وقرأ ابن ذكوان :« تُخَيَّلُ » بالتاء من فوق، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الفعل مسند لضمير الجِبَال والعِصِيّ، أي : تُخَيَّل الحبال ( والعصي، و ) « أنَّهَا تَسْعَى » بدل اشتمال من ذلك الضمير.
الثاني : كذلك إلا « أنَّهَا تَسْعَى » حال، أي : ذات سَعْي كما تقدم تقريره قبل ذلك.
الثالث : أن الفعل مسند لقوله :« أنَّهَا تَسْعَى » كقراءة العامة في أحد الأوجه وإنما أنَّثَ الفعل لاكتساب المرفوع التأنيث بالإضافة، إذ التقدير : تُخَيَّلُ إلَيْهِ سَعْيُهَا، فهو كقوله :
٣٦٧٤- شَرِقَتْ صَدْرُ القَنَاةِ مِنَ الدَّمِ | ( « فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا » ). |