٣٦٨٠- جَاءُوا بِمَذْق هَلْ رَأيْتَ الذِّئْبَ قَطّ... الثالث : مجزوم على جواب الأمر، أي : إن تَضْرِبْ طريقاً يبساً لاَ تَخَفْ.
قوله :« دَرَكاً » قرأ أبو حَيْوة « دَرْكاً » بسكون الراء. والدَّركُ والدَّرْكُ اسمان من الإدراك، أي : لا يُدْرك فرعونُ وجنودُه وتقدم الكلام عليهما في سورة النساء، وأن الكوفيين قرءوه بالسُّكون كأبي حيوة هنا.
قوله :« وَلاَ تَخْشَى » لم يقرأ بإثبات الألف، وكان من حق من قرأ « لاَ تَخَفْ » جزماً أن يقرأ « لاَ تَخْشَ » بحذفها كذا قال بعضهم وليس بشيء، لأن القراءة سنة، وفيها أوجه :
أحدها : أن تكون حالاً، وفيه إشكال، وهو أنَّ المضارع المنفي بلا كالمثبت في عدم مباشرة الواو له، وتأويله على حذف مبتدأ، أي وأنت لا تخشى، كقوله :
٣٦٨١- نَجَوْتَ وَأَرْهَنُهُمْ مَالِكَا... والثاني : أنه مستأنف أخبره تعالى أنه لا يحصل له خوف.
والثالث : أنه مجزوم بحذف الحركة تقديراً، كقوله :
٣٦٨٢- إذَا العَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ... وَلاَ تَرضَّاهَا وَلاَ تَمَلُّقِ
وقوله :
٣٦٨٣- كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أسِيراً يَمَانِيَا... ومنه « فَلاَ تَنْسَى » في أحد القولين إجراءً لحرف العلة مجرى الحرف الصحيح، وقد تقدم ذلك في سورة يوسف عند قوله تعالى « مَنْ يَتَّقِي ».
الرابع : أنه مجزوم أيضاً بحذف حرف العلة، وهذه الألف ليست تلك، أعني لام الكلمة، إنما هي ألف إشباع أُتِيَ بها موافقة للفواصل ورؤوس الآي، فهي كالألف في قوله :« الرَّسُولا » و « السَّبِيلا »، و « الظُّنُونَا ».
وهذه الأوجه إنما يحتاج إليها من قراءة جزم « لاَ تَخَفْ »، وأما من قرأه مرفوعاً فهذا معطوف عليه، أي لا تَخَافُ إدْرَاكَ فرعون ولا تخشى الغرقَ.
قوله :﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ ﴾ قال أبُو مسلم : يزعم رواة اللغة أنَّ « أتْبَعَهُمْ وتَبعَهُمْ » واحد، وذلك جائز ويحتمل أن تكون الباء زائدة، أي أتبَعَهُم فرعونُ جنوده كقوله :« لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي » ( أسْرَى بِعَبْدِهِ ).
وقال غيره : في بَاء « بجنوده » أوجه :
أحدهما : أن تكون الباء للحال، وذلك على أن « أَتْبَعَ » متعد لاثنين حذف ثانيهما، والتقدير : فَأتْبَعَهُمْ فرعونُ عقابَه، وقدَّره أبو حيَّان : رُؤَسَاءَه وحشَمَهُ.
قال شهاب الدين : والأول أحسن.
والثاني : أن الباءَ زائدة في المفعول الثاني. والتقدير : فَأتْبَعَهُمْ فِرعون جنوده، كقوله تعالى :﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٥ ].
٣٦٨٤- (................................................... لاَ يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ )
وأتبع قد جئتها متعدياً لاثنين مصرح بهما قال تعالى : وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَاتِهِمْ.
والثالث : أنها معدية على أن « أتْبَعَ »، قد يتعدى لواحد بمعنى تَبع ويجوز على هذا الوجه أن تكون الباء للحال أيضاً، بل هو الأظهر. وقرأ أبو عمرو في رواية والحسن « فأتْبَعَهُمْ » بالتشديد، وكذلك قراءة الحسن في جميع القرآن إلا في قوله :


الصفحة التالية
Icon