قوله تعالى :﴿ يابني إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ ﴾ الآية.
قرأ الأخوان « قَدْ أَنْجَيْتُكُمْ » و « وَاعَدتُكُمْ » و « رَزَقْتُكُمْ » بتاء المتكلم. والباقون :« أنْجَيْنَاكُمْ » و « وَاعَدْنَاكُمْ » و « رَزَقْنَاكُمْ » بنون العظمة واتفقوا على « ونَزَّلْنَا » وتقدم خلاف أبي عمرو في « وَعَدْنَا » في البقرة.
وقرأ حميد « نَجَِّيْنَاكُم » بالتشديد. وقرئ « الأيْمَنِ » بالجر. قال الزمخشري : خفض على الجوار كقولهم : جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ.
وجعله أبو حيان : شاذاً ضعيفاً، وخرَّجه على أنَّه نعت « الطُّورِ ».
قال : وصف به لما فيه من اليُمْنِ، أو لكونه على يَمِينِ من يستقبل الجبل و « جَانِبَ » مفعول ثان على حذف مضاف، أي إتيان جانب. ولا يجوز أن يكون المفعول الثاني محذوفاًً، وجَانِبَ « ظرف للوعد، والتقدير : وواعدناكم التوراة في هذا المكان، لأنه ظرف مكان مختص لا يصل إليه الفعل بنفسه، وكما لو قيل : إنه تُوُسِّع في هذا الظرف فجعل مفعولاً به : أي جعل نفس الموعود نحو : سير عليه فرسخَان وبريدان. قوله :» فَيَحِلُّ « قرأ العامة فَيَحِل بكسر الحاء واللام من » يَحْلُلْ «. والكسائي بضمهما.
وابن عيينة وافق العامة في الحاء، والكسائي في اللام. فالعامة من حَلَّ عليه كذا، أي : وَجَبَ، من حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ، أي : وجب قضاؤه، ومنه قوله :﴿ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ ﴾، ومنه أيضاً :﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾.
وقرأ الكسائي من حَلَّ يَحُلُّ، أي نزل، ومنه ﴿ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ ﴾ والمشهور أن فاعل » يَحِلُّ « في القراءتين هو » غَضَبِي « وقال صاحب اللوامح : إنه مفعول به وأن الفاعل ترك لشهرته والتقدير : فيحل عليكم طُغْيَانِكُمْ غَضَبِي، ودل على ذلك » وَلاَ تَطْغَوْا « ولا يجوز أن يسند إلى » غَضِبِي « فيصير في موضع رفع بفعله. ثم قال : وقد يجذف المفعول للدليل عليه وهو العذاب ونحوه قال شهاب الدين : فعندَه أنَّ حَلَّ متعد بنفسه، لأنه من الإحلال كما صرح هو به، وإذا كان من الإحلال تعدَّى لواحدِ، وذلك المتعدي إليه إما » غَضَبِي « ( على أن الفاعل ) ضمير عائد على الطغيان كما قدَّره، وإما محذوفٌ والفاعل » غَضَبِي «، وفي عبارته قلق. وقرأ طلحة » لاَ يَحِلَّنَّ عَلَيْكُمْ « بلا الناهية للطغيان فيحق عليكم غضبي، وهو من باب لا أَرَينَّكَ هاهنا.
وقرأ زيد بن علي » وَلاَ تَطْغُوْا « بضم الغين من طغى يطغو كغَزَا يَغْزُو.
وقوله :» فَيَحِلُّ « يجوز أن يكون مجزوماً عطفاً على » لاَ تَطْغَوْا « كذا قل أبو البقاء. وفيه نظر، إذ المعنى ليس على نهي الغضب أن يَحِلَّ بهم.