الثاني : أن يكون بدلاً من « أزواجاً »، وذلك إما على حذف مضاف أي ذوي زهرة، وإمَّا على المبالغة جعلوا نفس الزهرة.
الثالث : أن يكون منصوباً بفعل مضمرٍ دلَّ عليه « مَتَّعْنَا » تقديره : جَعَلنَا لهم زهرة
الرابع : نصبه على الذم، قال الزمخشري : وهو النصب على الاختصاص.
الخامس : أن يكون بدلاً من موضع الموصول، قال أبو البقاء : واختاره بعضهم، وقال آخرون : لا يجوز، لأن قوله : لِنَفْتِنَهُمْ « من صلة » مَتَّعْنَا « فيلزم الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي. وهو اعتراض حسن.
السادس : أن ينتصب على البدل من محل » بِهِ «.
السابع : أن ينتصب على الحال من » مَا « الموصولة.
الثامن : أنه حالٌ من الهاء في » بِهِ «، وهو ضمير الموصول، فهو كالذي قبله في المعنى.
فإن قيل : كيف يقع الحال معرفة؟
فالجواب : أن تجعل » زَهْرَة « منونة نكرة، وإنما حذف التنوين للالتقاء الساكنين نحو :
٣٧٠٢- وَلاَ ذَاكِرَ اللهَ إلاَّ قَلِيلا... وعلى هذا : فبم ( جُرَّت » الحَيَاةِ « ؟ فقيل : على البدل من » مَا « الموصولة ).
التاسع : أنه تمييز ل » مَا « أو الهاء في » بِهِ « وقد ردوه عليه بأنه معرفة والمميز لا يكون معرفة، وهذا غير لازم، لأنه يجوز تعريف التمييز على أصول الكوفيين.
والعاشر : أنه صفة ل » أزْوَاجاً « بالتأويلين المذكورين في نصبه حالاً وقد منعه أبو البقاء يكون الموصوف نكرة والوصف معرفة، وهذا يجاب عنه بما أجيب في تسويغ نصبه حالاً أعني حذف التنوين للالتقاء الساكنين. والعامة على تسكين الهاء، وقرأ الحسن وأبو البرهسم وأبو حَيْوة بفتحها، فقيل : بمعنى كَجَهْرَة وجَهْرَة. وأجاز الزمخشري أن يكونَ جمع زاهر كفَاجِر وفَجَرة وبَارّ وبَرَرَة وروى الأصمعي عن نافع » لِنُفْتِنهُمْ « بضم النون من أقتنه إذا اوقعه في الفتنة والزَّهْرة بفتح الحاء وسكونها كَنَهر ونهْر ما يروق من النور وسراج زاهر لبريقه ورجل أزهر وامرأة زهراء من ذلك والأنجم الزهرُ هي المضيئة.
فصل
معنى » مَتَّعْنَا « ألذَذَْنَا به، والإمتاع : الإلذاذ بما يدرك من المناظر الحسنة ويسمع من الأصوات المطربة، ويشم من الروائح الطيبة، وغير ذلك من الملابس والمناكح، يقال : أَمْتَعَه ومتَّعه تمتيعاً، والتفعيل يقتضي التكثير. ومعنى الزهرة فيمن حرَّك الزينة والبهجة، كما جاء في الجهرة قرئ » أَرِنَا الله جَهْرَةً }. وقيل : جمع زاهر وصفاً لهم بأنهم زَهْرَة هذه الحياة الدنيا لصفاء ألوانهم وتهلُّلِ وجوههم بخلاف ما عليه الصُّلحاء من شُحُوب الألوان والتقشف في الثياب. ومعنى « نَفْتِنَهُمْ » نُعَذِّبَهُم كقوله :﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحياة الدنيا ﴾ [ التوبة : ٥٥ ].
وقال ابن عباس : لنجعل ذلك فتنةً لهم بأن أزيد لهم في النعمة فيزيدوا كفراً وطغياناً. ثم قال :« وَرِزْقُ رَبِّك » في المعاد يعني في الجنة « خَيْرٌ وَأَبْقَى » أي : خير من مطلبوبهم وأبقى، لأنه يدوم ولا ينقطع، وليس كذلك حال ما أتوه في الدنيا.