والمعنى دع الذي قالوا فإنه كذب وباطل. و « نقذف » نرمي ونسلط قال تعالى :﴿ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً ﴾ [ الصافات : ٨، ٩ ] أي يرمون بالشهب. « بالحق » بالإيمان، « على الباطل » على الكفر وقيل : الحق قول الله : إنه لا ولد له، والبطل قولهم : اتخذ الله ولداً. قوله :« فَيَدْمَغُه » العامة على رفع الغين نسقاً على ما قبله. وقرأ عيسى بن عمر بنصبها قال الزمخشري : وهو في ضعف قوله :
٣٧٠٥- سَأَتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيم | وأَلْحَقُ بالحجاز فَأَسْتَرِيحَا |
و « يدمَغُه » أي يصيب دماغه من قولهم : دمغت الرجل، أي ضربته في دماغه كقولهم : رأسه وكبده ورجله، إذا أصاب منه هذه الأعضاء. وأصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ. واستعار القذف والدمغ تصويراً لإبطاله به، فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة مثلاً قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه : أهلكه وأذهبه ﴿ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ ذاهب، ﴿ وَلَكُمُ الويل ﴾ يعني من كذب الرسول ونسب القرآن إلى أنه سحر وأضغاث أحلام، وغير ذلك من الأباطيل.
قوله :﴿ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ فيه أوجه :
أحدهما : أنه متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر، أي : استقر لكم الويل من أجل ما تصفون. و « مِنْ » تعليلية. وهذا وجه وجيه.
والثاني : أنه متعلق بمحذوف.
والثالث : أنه حال من الويل، أي : الويل واقعاً مما تصفون، كذا قدره أبو البقاء و « مَا » في « ممَّا تَصِفُونَ » يجوز أن تكون مصدرية فلا عائد عند الجمهور، وأن تكون بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، ولا بد من العائد عند الجميع، حذف لاستكماله الشروط. والمعنى : ممّا تصفون الله بما لا يليق به من الصاحبة والولد. وقال مجاهد : مما تكذبون.