وقال أبو عبيدة : العَجَل الطين بلغة حمير قال شاعرهم :

٣٧١٦- والنَّبْعُ في الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ مَنْبِتُهُ والنَّخْلُ يَنْبِتُ بَيْنَ المَاءِ وَالعَجَلِ
قال الزمخشري بعد إنشاده عجز هذا البيت : والله أعلم بصحته.
قال شهاب الدين : وهو معذور. وهذا الجار يحتمل تعلقه ب « خُلِقَ » على المجاز أو الحقيقة المتقدمتين. وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال كأنه قال : خلق الإنسان عجلاً. قاله أبو البقاء. وقرأ العامة « خُلِقَ » مبينياً للمفعول « الإنسان » مرفوعاً لقيامه مقام الفاعل. وقرأ مجاهد وحميد وابن مقسم « خَلَقَ » مبنياً للفاعل « الإنسان » نصباً مفعولاً به. فإن قيل : القوم استعجلوا الوعيد على وجه التكذيب، ومن هذا حاله لا يكون مستعجلاً على الحقيقة.
فالجواب : أن استعجالهم بما توعدهم من عقاب الآخرة أو هلاك الدنيا يتضمن استعجال الموت، وهم عالمون بذلك فكانوا مستعجلين حقيقة.
قوله :﴿ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي ﴾ مواعيدي؛ قيل : هي الهلاك المعجل في الدنيا والآخرة، ولذلك قال ﴿ فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ ﴾ أي أنه سيأتي لا محالة في وقته، فلا تطلبوا العذاب قبل وقته، فأراهم يوم بدر. وقيل : كانوا يستعجلون القيامة. وقيل : الآيات : أدلة التوحيد وصدق الرسول. وقيل : كانوا يستعجلون القيامة. وقيل : الآيات : أدلة التوحيد وصدق الرسول. وقيل : الآيات آثار القرون الماضية بالشام واليمن. قوله :﴿ وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ هذا هو الاستعجال المذموم على سبيل الاستهزاء، وهو كقوله :﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ العذاب ﴾ [ العنكبوت : ٥٣ ] فبين تعالى أنهم يقولون ذلك لجهلهم وغفلتهم.
قوله :« مَتَى هَذَا » « مَتَى » خبر مقدم، فهي في محل رفع. وزعم بعض الكوفيين أنها في محل نصب على الظرف، والعامل فيها فعل مقدر ل « هَذَا » التقدير : متى يجيء هذا الوعد، أو متى يأتي ونحوه والأول أشهر.
قوله :« لو يعلم » جوابها مقدر، لأنه أبلغ في الوعيد فقدره الزمخشري : لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال ولكن جهلهم هو الذي هونه عندهم وقدره ابن عطية : لما استعجلوا. وقدره الحوفي : لسارعوا. وقدره غيره : لعلموا صحة البعث. وقال البغوي : لما أقاموا على كفرهم، ولما استعجلوا بقولهم ﴿ متى هذا الوعد ﴾.
و « حين » مفعول به لعلموا، و ليس منصوباً على الظرف، أي : لو يعلمون وقت عدم كف النار. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون « يعلم » متروكاً بلا تعدية بمعنى : لو كان معهم علم ولم يكونوا جاهلين لما كانوا مستعجلين، و « حين » منصوب بمضمر أي حين ﴿ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النار ﴾ يعلمون أنهم كانوا على الباطل. وعلى هذا ف « حين » منصوب على الظرف، لأنه جعل مفعول العلم أنهم كانوا.


الصفحة التالية
Icon