فعرفته بضحكه فاعتنقته، ثم قال : إنك أمرتيني أن أذبح لإبليس سخلة، وإني أطعت الله، وعصيت إبليس، ودعوت الله، فرد عليَّ ما ترين.
وروى الضحاك ومقاتل : أنّ أيوب بقي في البلاء سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات. وقال وهب : بقي في البلاء ثلاث سنين، فلما غلب أيوب -عليه السلام- إبليس ذهب إبليس -لعنه الله- إلى امرأته على هيئة ليست كهيئة بني آدم في العطم والحسن والجمال، وعلى مركب ليس من مراكب الناس، فقال لها : أنت صاحبة أيوب، قاقلت : نعم. قال : فهل تعرفيني؟ قالت : لا. قال : فأنا إله الأرض، صنعت بأيوب ما صنعت، وذلك لأن عبد إله السماء وتركني فأغضبني، ولو سجد لي سجدة واحدة رددت عليه وعليك جميع ما لكما من مال وولد فإن ذلك عندي. قال وهب : وسمعت أنه قال : لو أن صاحبك أكل طعاماً ولم يسم الله لعوفي مما في البلاء، وفي رواية أخرى قال لها : لو شئت فاسجدي لي سجدة واحدة لرجعت المال والولد وأعافي زوجك. فرجعت إلى أيوب فأخبرته بما قال لها. فقال لها أيوب -عليه السلام- أتاك عدو الله ليفتنك، ثم أقسم إن عافاه الله ليضربنها مائة سوط. فقال عند ذلك :﴿ مَسَّنِيَ الضر ﴾ يعني من طمع إبليس في سجودي له وسجود زوجتي له، ودعائه إيَّاها وإيَّايَ إلى الكفر.
وفي رواية قال وهب : كانت امرأة أيوب تعمل للناس وتأتيه بقوته، فلما طال عليه البلاء، وسئمها الناس، فلم يستعملوها، فالتمست ذات يوم شيئاً من الطعام، فلم تجد شيئاً، فجزت قرنها من رأسها فباعته برغيف، فأتته، فقال لها : أين قرنك؟ فأخبرته بذلك. فحينئذ قال :﴿ مَسَّنِيَ الضر ﴾. وفي رواية قال إسماعيل السّدّيّ : لم يقل أيوب ﴿ مَسَّنِيَ الضر ﴾ إلا لأشياء ثلاثة :
أحدها : قول الرجل له : لو كان عملك خالصاً لما أصابك ما أصابك.
والثاني : كانت لامرأته ثلاث ذوائب فعمدت إلى إحداهن فقطعتها وباعتها فأعطوها بذلك خبزاً ولحماً، وجاءت إلى أيوب، فقال : من أين هذا؟ قالت : كُلْ فإنَّهُ حلال. فلما كان من الغ لم تجد شيئاً فباعت الثانية، وكذلك فعلت في اليوم الثالث، وقالت : كُلْ فإنَّه حلال، فقال لا آكل ما لم تخبريني، فأخبرته، فبلغ ذلك من أيوب ما الله أعلم به.


الصفحة التالية
Icon