قيل : السد يفتحه الله ابتداء. وقيل : بل إذا جعل الله الأرض دكاً زالت تلك الصلابة من أجزاء الأرض فحينئذ ينفتح السد.
قوله :« وَهُمْ » قال أكثر المفسرين :« هُم » كناية عن « يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ».
وقال مجاهد : كناية عن جميع العالم بأسرهم أي : يخرجون من قبورهم، ومن كل موضع، فيحشرون إلى موقف الحساب.
والأول أظهر وإلا لتكلف النظم، ولأنه روي في الخبر أن يأجوج ومأجوج لا بدَّ وأن يسيروا في الأرض، ويقبلوا على الناس من كل موضع مرتفع. وقرأ العامة « يَنْسِلُونَ » بكسر السين. وأبو السمال وابن أبي إسحاق بضمها. والحَدَب : النشز من الأرض. أي : المرتفع، ومنه الحدب في الظهر، وكل كُدْيَة أو أَكْمَةٍ فهي حدبة، وبها سمي القبر لظهوره على وجه الأرض والنَّسَلاَنُ : مقاربة الخطا مع الإسراع كالرملِ يقال : نَسَلَ يَنْسِلُ وَيَنْسُلُ بالفتح في الماضي والكسر والضمّ في المضارع، ونَسَلَ وعَسَلَ واحد قال الشاعر :
٣٧٣٦- عَسَلاَنَ الذئبِ أَمْسَى قَارِباً | بَرَدَ اللَّيْلُ عَلَيْهِ فَنَسَلْ |
وقرأ عبد الله وابن عباس :« جَدَث » بالثاء المثلثة والجيم اعتباراً بقوله :
﴿ فَإِذَا هُم مِّنَ الأجداث إلى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ﴾ [ يس : ٥١ ]. وقرئ بالفاء، وهي بدل منها قال الزمخشري : الثاء للحجاز، والفاء لتميم. وينبغي أن يكونا أصلين، لأنَّ كلاّ منهما لغة مستقلة، ولكن كثر إبدال الثاء من الفاء، قالوا مغثور في مغفور، وقالوا فُمَّّ في ثُمَّ، فأبدلت هذه من هذه تارة، وهذه من هذه أخرى.
« ( روى حذيفة بن أسد الغفاري قال : اطلع النبي - ﷺ - علينا ونحن نتذاكر، فقال :» مَا تَذْكُرُونَ؟ « قالوا : نذكر الساعة قال : إنها لن تقوم حَتى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آيات فذكر الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ). »
قوله :﴿ واقترب الوعد الحق ﴾. المراد بالوعد وهو يوم القيامة.
( وسمي الموعود وعداً تجوّزا. قال الفراء وجماعة : الواو في قوله :« وَاقْتَرَبَ » مقحمة معناه : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحق، كقوله :﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ ﴾ [ الصافات : ١٠٣، ١٠٤ ] أي : ناديناه. ويدل عليه ما روى حذيفة قال : لو أنَّ رجلاً اقتنى فُلُّوا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة.
وقال قوم : لا يجوز طرح الواو، وجعلوا جواب ﴿ حتى إِذَا فُتِحَتْ ﴾ في قوله :« يَا وَيْلَنَا » يكون مجازاً لأنّ التقدير : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج واقترب الوعد الحق قالوا يا ويلنا قد كنا في غفلة ).