قوله :﴿ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ﴾ « إذَا » هنا للمفاجأة، و « هِيَ » فيها أوجه :
أجودها : أن يكون ضمير القصة، و « شَاخِصَةٌ » خبر مقدم، و « أَبْصَارُ » مبتدأ مؤخر، والجملة خبر ل « هِيَ »، لأنها لا تفسر إى بجملة مصرح بخبرها، وهذا مذهب البصريين.
الثاني : أن تكون « شَاخِصَةٌ » مبتدأ، و « أَبْصَارُ » فاعل سد مسد الخبر، وهذا يتمشى على رأي الكوفيين، لأن ضمير القصة يفسر عندهم بالمفرد العامل عمل الفعل فإنه في قوة الجملة.
الثالث : قال الزمخشري :« هِيَ » ضمير مبهم يوضحه الأبصار ويفسره كما فسر « الَّذِينَ ظَلَمُوا » « وَأَسَرُّوا ». ولم يذكر غيره. قال شهاب الدين : وهذا قول الفراء، فإنه قال في ضمير الأبصار : تقدمت لدلالة الكلام ومحيء ما يفسرها، وأنشد شاهداً على ذلك :
٣٧٣٧- فَلاَ وَأَبِيهَا لا تَقُولُ خَلِيلَتِي | أَلاَ فَرَّ عَنِّي مَالِكُ بْنُ أَبِي كَعْبِ |
٣٧٣٨- بِثَوب ودينارٍ وشاة ودرهم | فَهَلْ هُوَ مَرْفُوع بِمَا هَاهُنَا رَاس |
قال شهاب الدين : وفي التمثيل نظر، لأنّ تقديم الخبر هنا ممتنع لاستهوائهما في التعريف بخلاف المثال المتقدم. فيكون أصل الآية الكريمة : فإذا أبصار الذين كفروا هي شاخصة، فلما قدم الخبر، « شَاخِصَة »، قدم معها العماد.
وهذا أيضاً إنما يجيء على مذهب من يرى وقوع العماد قبل النكرة غير المقارنة للمعرفة.
الخامس : أن تكون « هِيَ » مبتدأ وخبره مضمر، فيتم الكلام حينئذ على « هِيَ » ويبتدأ بقوله :« شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ »، والتقدير : فإذا هي بارزة، أي : الساعة بارزة أو حاضرة و « شَاخِصَةٌ » خبر مقدم، و « أَبْصَارُ » مبتدأ مؤخر. ذكره الثعلبي.
وهو بعيد جداً لتنافر التركيب، وهو التعقيد عند علماء البيان.
قوله :« يَا وَيْلَنَا » معمول لقول محذوف، أي : يقولون يَا وَيْلَنَا. وفي هذا القول المحذوف وجهان : أحدهما : أنه جواب « حتى إذا » كما تقدم.
والثاني : في محل تصب على الحال من ﴿ الذين كَفَرُواْ ﴾ قاله الزمخشري.
قوله :﴿ قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هذا ﴾ يعني في الدنيا حيث كذبناه وقلنا : إنه غير كائن، بل كنا ظالمين أنفسنا بتلك الغفلة وتكذيب محمد، وعبادة الأوثان.