والثاني : أنه ضمير الساعة.
فعلى الأول : يكون الذهول والوضع حقيقة؛ لأنه في الدنيا.
وعلى الثاني : يكون على سبيل التعظيم والتهويل، وأنها بهذه الحيثية، إذ المراد بالساعة القيامة، وهو كقوله :﴿ يَوْماً يَجْعَلُ الولدان شِيباً ﴾ [ المزمل : ١٧ ].
قوله :« تَذْهَل » في محل نصب على الحال من الهاء في « تَرَوْنَها »، فإن الرؤية هنا بَصَريَّة، وهذا إنما يجيء على غير الوجه الأول، وأما الوجه الأول وهو أنّ « تَذْهَلُ » ناصب ل « يَوْمَ تَرَوْنَها » فلا محل للجملة من الإعراب؛ لأنها مستأنفة، أو يكون محلها النصب على الحال من الزلزلة، أو من الضمير في « عَظِيْم » وإن كان مذكراً، لأنه هو الزلزلة في المعنى، أو من « الساعة » وإن كانت مضافاً إليها، لأنه إما فاعل أو مفعول كما تقدم. وإذا جعلناها حالاً فلا بد من ضمير محذوف تقديره : تذهل فيها. وقرأ العامة :« تَذْهَل » بفتح التاء والهاء من : ذهل عن كذا يذهل. وقرأ ابن أبي عبلة واليماني : بضم التاء وكسر الهاء، ونصب « كل » على المفعول به من أذهله عن كذا يُذْهله، عدّاه بالهمزة. والذهول : الاشتغال عن الشيء، وقيل : إذا كان مع دهشته وقيل : إذا كان ذلك لطرآن شاغل من هَمّ أو مرض ونحوهما، وذهل بن شيبان أصله من هذا. والمرضعة : من تلبست بالفعل، والمرضع من شأنها أن تُرْضع كحائض فإذا أراد التلبس قيل : حائضة. قال الزمخشري : فإن قلت : لم قيل « مُرْضِعَة » دون مُرْضِع؟ قلت : المرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي، والمرضع التي من شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها ( به ). والمعنى : أن من شدة الهول تذهل هذه عن ولدها فكيف بغيرها. وقال بعض الكوفيين : المرضعة يقال للأم، والمُرْضِع يقال للمستأجرة غير الأم، وهذا مردود بقول الشاعر :
٣٧٤٤- كَمُرْضِعَةٍ أَوْلاَدَ أُخْرَى وَضَيَّعَتْ | بَنِي بَطْنِهَا هَذَا الضَّلاَلُ عَنِ القَصْدِ |
قوله :« عَمَّا أَرْضَعتْ » يجوز في « ما » أن تكون مصدرية، أي : عن إرضاعها، ولا حاجة إلى تقدير حذف على هذا. ويجوز أن تكون بمعنى ( الذي )، فلا بد من حذف عائد، أي : أرضعته، ويقويه تعدي « تضع » إلى مفعول دون مصدر. والحمل - بالفتح - ما كان في بطن أو على رأس شجر، وبالكسر ما كان على ظهر.
قوله :﴿ وَتَرَى الناس سكارى ﴾. العامة على فتح التاء من « تَرَى » على خطاب الواحد.