٣٧٦٠- إِذَا الخَيْلُ جَاءَتْ مِنْ فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ يَمُدُّ بِهَا فِي السَّيْرِ أَشْعَثُ شَاحِبُ
وقرأ ابن مسعود :« مَعِيقٌ » ويقال : عمق وعمق بكسر العين وضمها عمقاً بفتح الفاء قال الليث : عميق ( ومعيق، والعميق في الطريق أكثر. وقال الفراء : عميق لغة الحجاز ) ومعيق لغة تميم وأعمقت البئر وأمعقتها وعَمُقَت ومَعُقَت عماقة ومعاقة وإعماقاً وإمعاقاً قال رؤبة :
٣٧٦١- وَقَاتِمِ الأَعْمَاقِ خَاوِي المُخْتَرقْ... الأعماق هنا بفتح الهمزة جمع عُمْق وعلى هذا فلا قلب في معيق، لأنها لغة مستقلة، وهو ظاهر قول الليث أيضاً، ويؤيده قراءة ابن مسعود بتقديم الميم، ويقال : غميق بالغين المعجمة أيضاً.

فصل


بدأ الله بذكر المشاة تشريفاً لهم، وروى سعيد بن جبير بإسناده عن النبي - ﷺ - أنه قال :« إن الحاج الراكب له بكل خطوة تخطوها راحلته سبعون حسنة وللماشي سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قيل : يا رسول الله وما حسنات الحرم؟ قال : الحسنة بمائة ألف حسنة ».
وإنما قال تعالى :« يَأْتُوكَ رِجَالاً » ؛ لأنه هو المنادي فمن أتى مكة حاجّاً فكأنه أتى إبراهيم - عليه السلام -، لأنه يجيب نداءه.
قوله :« لِيَشْهَدُوا » يجوز في هذه اللام وجهان :
أحدهما : أن تتعلق ب « أَذِّنْ »، أي : أذن ليشهدوا.
والثاني : أنها متعلقة ب « يَأْتُوكَ ». وهو الأظهر.
قال الزمخشري : ونكر « مَنَافِعَ » لأنه أراد منافع مختصة بهذه العبادة دينية ودنيوية لا توجد في غيرها من العبادات. قل سعيد بن المسيب ومحمد بن علي الباقر :
المنافع : هي العفو والمغفرة وقال سعيد بن جبير : التجارة، وهي رواية ابن زيد.
وعن ابن عباس قال : الأسواق. وقال مجاهد : التجارة وما يرضى الله به من أمر الدنيا والآخرة. ﴿ وَيَذْكُرُواْ اسم الله في أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ ﴾ قال الأكثرون : هي عشر ذي الحجة قيل لها « مَعْلُومَات » للحرص على علمها بحسابها من أجل وقت الحج في آخرها.
والمعدودات : أيام التشريق. وروي عن علي : أنها يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وهو اختيار الزجاج. لأن الذكر على « بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ » يدل على التسمية على نحرها. والنحر للهدايا إنما يكون في هذه الأيام. وروى عطاء عن ابن عباس : أنها يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق. وقيل : عبر عن الذبح والنحر بذكر اسم الله؛ لأن المسلمين لا ينفكون عن ذكر اسم الله إذا نحروا. ثم قال :﴿ على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام ﴾ يعني الهدايا والضحايا تكون من النعم، وهي الإبل والبقرة والغنم. قال الزمخشري : البهيمة المبهمة في كل ذات أربع في البر والبحر، فبينت بالأنعام وهي : الإبل والبقر والغنم.
قوله :« فَكُلُوا مِنْهَا ». قيل : هذا أمر وجوب، لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من لحوم هداياهم شيئاً تَرَفُّقاً على الفقراء.


الصفحة التالية
Icon