وتقدّم في البقرة أن فيه ثلاث لغات وَفّى، وَوفَى، وأَوْفَى. وقرأ ابن ذكوان :« ولِيوفوا » بكسر اللام، والباقون بسكونها. وهذا الخلاف جار في قوله « وَلِيَطَّوَّفُوا ». والمراد بالوفاء ما أوجبه بالنذر، وقيل : ما أوجبه الدخول في الحج من المناسك. قال مجاهد : أراد نذر الحج والهدي، وما ينذره الإنسان من شيء يكون في الحج. وقيل : المراد الوفاء بالنذر مطلقاً وقوله :« وَلِيَطَّوَّفُوا » المراد الطواف الواجب، وهو طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق وسمي البيت العتيق قال الحسن : القديم لأنه أول بيت وضع للناس. وقال ابن عباس وابن الزبير : لأنه أُعْتِقَ من الجبابرة، فكم من جبار سار إليه ليهدمه فمنعه الله، ولما قصده أبرهة فُعِل به ما فعل. فإن قيل : قد تسلَّط الحجاج عليه؟
فالجواب : أنه ما قصد التسلط على البيت وإنما تحصّن به عبد الله بن الزبير فاحتال لإخراجه ثم بناه وقال ابن عيينة : لم يُمْلك قط. وقال مجاهد : أعتق من الغرق.
وقيل : لأنه بيت كريمٌ من قولهم : عِتاق الخيل والطير.

فصل


والطواف ثلاثة أطواف :
الأول : طواف القدوم وهو أن من قدم مكة يطوف بالبيت سبعاً، يرمل ثلاثاً من الحجر الأسود إلى أن ينتهي إليه، ويمشي أربعاً وهذا الطواف سنة لا شيء على تاركه.
والثاني : طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق، ويسمى أيضاً طواف الزيارة وطواف الصدر، وهو واجب لا يحصل التحلل من الإحرام ما لم يأت به.
والثالث : طواف الوداع لا رخصة لمن أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر في أن يفارقها حتى يطوف بالبيت سبعاً، فمن تركه فعليه دم إلا الحائض والنفساء، فلا وداع عليهما لما روى ابن عباس قال : أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه أرخص للمرأة الحائض. والرمل يختص بطواف القدوم، ولا رمل في طواف الإفاضة والوداع.


الصفحة التالية
Icon