الرابع : أنْ يتعلق بمحذوف يدل عليه « غَيْرُ مَلُومِينَ » قال الزمخشري : كأنه قيل : يلامون إلا على أزواجهم، أي : يلامون على كل مباشرة إلا على ما أطلق لهم فإنهم غير ملومين عليه. قال شهاب الدين : وإنما لم يجعله متعلقاً ب « مَلُومِينَ » لوجهين :
أحدهما : أن ما بعد « إِنَّ » لا يعمل فيما قبلها.
الثاني : أن المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف.
الخامس : أن يجعل صلة لحافظين، قال الزمخشري : من قولك : احفظ عليّ عنان فرسي، على تضمينه معنى النفي كما ضمن قولهم : نشدتك بالله إلا فعلت معنى : ما طلبت منك إلا فعلك يعني أنّ صورته إثبات ومعناه نفي. قال أبو حيان بعدما ذكر ذلك عن الزمخشري : وهذه وجوه متكلفة ظاهر فيها العجمة. قال شهاب الدين : وأي عجمةٍ في ذلك على أنّ الشيخ جعلها متعلقة ب « حَافِظُونَ » على ما ذكره من التضمين، وهذا لا يصح له إلا بأن يرتكب وجهاً منها وهو التأويل بالنفي كنشدتك الله، لأنه استثناء مفرغ ولا يكون إلا بعد نفي أو ما في معناه.
السادس : قال أبو البقاء : في موضع نصب ب « حَافِظُونَ » على المعنى؛ لأنّ المعنى صانوها عن كل فرج إلا عن فروج أزواجهم. قال شهاب الدين : وفيه سببان :
أحدهما تضمين « حَافِظُونَ » معنى صانوا، وتضمين « على » معنى « عَنْ ».
قوله :﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ ﴾ « مَا » بمعنى : اللاتي، و « مَا » في محل الخفض يعني : أو على ما ملكت أيمانهم. وفي وقوعها على العقلاء وجهان :
أحدهما : أنها واقعة على الأنواع كقوله :﴿ فانكحوا مَا طَابَ ﴾ [ النساء : ٣ ] أي : أنواع.
والثاني : قال الزمخشري : أريد من جنس العقلاء ما يجري مجرى غير العقلاء وهم الإناث.
قال أبو حيان : وقوله : وهم. ليس بجيد، لأنّ لفظ هُمْ مختص بالذكور فكان ينبغي أن يقول :« وَهُوَ » على لفظ « مَا » أو « هُنَّ » على معنى ( ما ).
وأجيب بأن الضمير عائد على العقلاء فقوله :« وَهُمْ » أي : العقلاء الإناث. وقال ابن الخطيب هلا قيل : مَنْ ملكت؟ فالجواب : لأنه اجتمع في السُّرِّيَّةِ وصفان :
أحدهما : الأنوثة وهي مظنة نقصان العقل.
والآخر : كونها بحيث تباع وتشترى كسائر السلع.
فلهذين الوصفين فيها جعلت كأنها ليست من العقلاء.

فصل


هذه الآية في الرجال خاصة لأن المرأة لا يجوز لها أن تستمتع بفرج مملوكها.
فإن قيل : أليست الزوجة والمملوكة لا تحل له الاستمتاع بها في أحوال كحال الحيض، وحال العدة، والصيام، والإحرام، وفي الأمة حال تزويجها من الغير وحال عدتها، وكذا الغلام داخل في ظاهر قوله :﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾ ؟ فالجواب من وجهين :
الأول : أنّ مذهب أبي حنيفة أنّ الاستثناء من النفي لا يكون إثباتاً، لقوله عليه السلام :


الصفحة التالية
Icon