وقال الشعبي : كان عقبة بن أبي معيط خليل أمية بن خلف فأسلم عقبة فقال أمية : وجهي من وجهك حرام إن بايعت محمداً، فكفر وارتد، فأنزل الله - عزَّ وجلَّ - ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ ﴾ يعني : عُقبة، يقول :﴿ ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً ﴾، أي : ليتني اتبعت محمداً فاتخذت معه سبيلاً إلى الهدى. وقرأ أبو عمرو ﴿ يَا لَيَتَنِي اتَّخَذْتُ ﴾ بفتح الياء، والآخرون بإسكانها.
الثاني : قالت الرافضة : الظالم هو رجل بعينه، وإن المسلمين عرفوا اسمه وكتموه، وجعلوا فُلاناً بدلاً من اسمه، وذكروا فاضلين من أصحاب الرسول.
ومن حمل الألف واللام على العموم، لأنها إذا دخلت على الاسم المفرد أفادت العموم بالقرينة، وهي أنَّ ترتيب الحكم على الوصف مشعر بعلية الوصف، فدلّ على أنَّ المؤثر في العض على اليدين كونه ظالماً، فيعم الحكم لعموم علته.
وهذا القول أولى من التخصيص بصورة واحدة، ونزوله في واقعة خاصة ( لا ينافي العموم )، بل تدخل فيه تلك الصورة وغيرها. والمقصود من الآية زجر الكل عن الظلم، وذلك لا يحصل إلا بالعموم.

فصل


قال الضحاك : يأكل يديه إلى المرفق ثم تنبت، ولا يزال هكذا كلما أكلها نبتت وقال المحققون : هذه اللفظة للتحسر والغم، يقال : عَضَّ أنامله، وعضَّ على يديه.
قوله :« يَقُولُ » هذه الجملة حال من فاعل « يَعَضُّ » وجملة التمني بعد القول محكيةٌ به، وتقدم الكلام في مباشرة ( يَا ) ل « لَيْتَ » في النساء.
قوله :« يَا وَيْلَتَى ». قرأ الحسن « يَا وَيْلَتِي » بكسر التاء وياء صريحة بعدها، وهي الأصل. وقرأ الدَّوْرِيُّ بالإمالة.
قال أبو علي : وترك الإمالة أحسن، لأن أصل هذه اللفظة الياء فبدلت الكسرة فتحة والياء ألفاً فراراً من الياء، فَمَنْ أَمَالَ رجع إلى الذي منه فَرَّ أولاً. وهذا منقوض بنحو ( بَاعَ ) فإن أصله الياء، ومع ذلك أمالوا، وقد أمالوا ﴿ ياحسرتا على مَا فَرَّطَتُ ﴾ [ الزمر : ٥٦ ] و « يَا أَسَفَى » وهما ك ( ياء ) « وَيْلَتِي » في كون ألفهما عن ياء المتكلم. و « فُلاَن » كناية عن عَلَمِ من يعقل، وهو متصرف. و « فُلُ » كناية عن نكرة مَنْ يعقل من الذكور، و « فُلَةُ » عن مَنْ يعقل من الإناث. والفُلاَنُ والفُلاَنةُ بالألف عن غير العاقل، ويختص ( فُلُ )، و ( فُلَةُ ) بالنداء إلاَّ في ضرورة كقوله :
٣٨٧٤- فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَناً عَنْ فُلِ... وليس ( فُلُ ) مرخماً من ( فلان ) خلافاً للفراء. وزعم أبو حيان أنَّ ابن عصفور وابن مالك، وابن العلج وهموا في جعلهم ( فُلُ ) كناية عن عَلَمِ مَنْ يعقل ( فلان ). ولام ( فُلُ ) و ( فُلاَنُ ) فيها وجهان :
أحدهما : أنها واو.
والثاني : أنها ياء.


الصفحة التالية
Icon