قال أبو مسلم : السبات : الراحة، ومنه يوم السبت، لما جرت به العادة من الاستراحة فيه، ويقال للعليل إذا استراح من تعب العلة مسبوت.
وقال الزمخشري : السبات : الموت، والمسبوت الميت، لأنه مقطوع الحياة، قال : وهذا كقوله :﴿ وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُم بالليل ﴾ [ الأنعام : ٦٠ ]. وإنما قلنا إن تفسيره بالموت أولى من تفسيره بالراحة، لأن النشور في مقابلته. ﴿ وَجَعَلَ النهار نُشُوراً ﴾ قال أبو مسلم : هو بمعنى الانتشار والحركة، كما سمى تعالى نوم الإنسان وفاة فقال :﴿ يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ﴾ [ الزمر : ٤٢ ] كذلك وفق بين القيام من النوم والقيام من الموت في التسمية بالنشور.
قوله تعالى :﴿ وَهُوَ الذي أَرْسَلَ الرياح بُشْرَا ﴾ الآية. هذا هو النوع الثالث، وقد تقدم الكلام على نظيرتها في الأعراف. ﴿ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾ يعني : المطر، ﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً طَهُوراً ﴾ قال الزمخشري : فإن قلت : إنزال الماء موصوفاً بالطهارة وتعليله بالإحياء والسقي يؤذن بأن الطهارة شرط في صحة ذلك كما تقول : حملني الأمير على فرس جواد لأصيد عليه الوحش. قلت : لما كان سقي الأناسي من جملة ما أنزل له الماء وصف بالطهارة إكراماً لهم، وتتميماً للمنّة عليهم.
وطهور : يجوز أن يكون صفة مبالغة منقولاً من ظاهر، كقوله تعالى :« شَرَاباً طَهُوراً »، وقال :
٣٨٧٦- إلى رُجَّحِ الأَكْفَالِ غِيدٌ مِنَ الصِّبَا | عِذَابُ الثَّنَايَا رِيقُهُنَّ طَهُورُ |
( وذهب أصحاب الرأي إلى أن الطهور هو الطاهر حتى جوزوا إزالة النجاسة بالمائعات الطاهرة كالخل وماء الورد، والمرق، ولو جاز إزالة النجاسة بها لجاز رفع الحدث بها. وقال عليه السلام :« التّراب طهور المسلم ولو لم يجد الماء عشر حجج » ولو كان معنى الطهور هو الطاهر لكان معناه التراب طاهر للمسلم، وحينئذ لا ينتظم الكلام، وكذا قوله ﷺ :« طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه أن يغسل سبعاً » ولو كان الطهور هو الطاهر لكان معناه : طاهر إناء أحدكم، وحينئذ لا ينتظم الكلام ).
ويجوز أن يكون مصدراً ك ( القبول والولوع ).
وقوله :« لِنُحْيِيَ بِهِ » فيه وجهان :
أظهرهما : أنه متعلق بالإنزال. والثاني : وهو صعب أنه متعلق ب ( طهور ).
ووصف « بَلْدَةً » ب « مَيِّت » وهي صفة للمذكر، لأنها بمعنى البلد.