قرأ العامة بفتح الميم، وهو مكان القيام. وقتادة والأعرج بضمها وهو مكان الإقامة. والمراد ب « الكَرِيم » : الحسن.
قال المفسرون : هي مجالس الأمراء والرؤساء التي كانت تحفها الأتباع.
وقيل : المواضع التي كانوا [ يتنعمون فيها ].
قوله :« كَذَلِكَ ». فيه ثلاثة أوجه : قال الزمخشري : يحتمل ثلاثة أوجه : النصب على أخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفناه والجر على أنه وصف ل « مَقَام » أي : ومقام كريم مثل ذلك المقام الذي كان لهم، والرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي : الأمر كذلك. قال أبو حيان : فالوجه الأول لا يسوغ، لأنه يؤول إلى تشبيه الشيء بنفسه، وكذلك الوجه الثاني؛ لأن المقام الذي كان لهم هو المقام الكريم، فلا يشبه الشيء بنفسه. قال شهاب الدين : وليس في ذلك تشبيه الشيء بنفسه؛ لأن المراد في اأول : أخرجناهم إخراجاً مثل الإخراج المعروف المشهور، وكذلك الثاني.
قوله :« وَأَوْرَثْنَاها » عطف على « فَأَخْرَجْنَاهُمْ » أي : وأورثناها بهلاكهم بني إسرائيل وذلك أن الله تعالى رد بني إسرائيل إلى مصل بعدما أغرق فرعون وقومه وأعطاهم جميع ما كان لفرعون وقومه من الأموال والمساكن.
قوله :« فَأَتْبَعُوهُمْ ». قرأ لعامة بقطع الهمزة من « أَتْبعه » أي : ألحقه نفسه، فحذف الثاني. وقيل : يقال : أَتْبعه بمعنى « اتبعه » بوصل الهمزة، أي : لحقه.
وقرأ الحسن والحارث الذَّمَّارِيّ بوصلها وتشديد التاء، وهي بمعنى اللحاق.
وقوله :« مُشْرِقِينَ » أي : داخلين في وقت الشروق من : شَرَقت الشمس شروقاً : إذا طلعت ك « أصبح، وأمسى » : إذا دخل في هذين الوقتين. وقيل : داخلين نحو المشرق ك « أَنْجَد، وأَتْهَم ». و « مُشْرِقِين » منصوب على الحال، والظاهر أنه من الفاعل. وقيل :« مُشْرِقِين » بمعنى : مضيئين. وفي التفسير : أنّ بني إسرائيل كانوا في نور، والقبط في ظلمة، فعلى هذا يكون « مُشْرِقِين » حالاً من المفعول. قال شهاب الدين : وعندي أنه يجوز أن يكون حالاً من الفاعل والمفعول إذا جعلنا « مُشْرِقِين » : داخلين في وقت الشروق، أو في مكان المشرق، لأن كلاً من القبيلين كان داخلاً في ذلك الزمان، أو في ذلك المكان.
قوله :﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الجمعان ﴾ أي : تقابلا ورأى بعضهما بعضاً. قرأ العامة :« تَرَاءَى » بتحقيق الهمزة. وابن وثاب والأعمش من غير همزة، بأن تكون الهمزة مخففة بين بين، لا بالإبدال المحض، لئلا يجتمع ثلاث ألفات، الأولى الزائدة بعد الراء، والثانية المبدلة من الهمزة، والثالثة لام الكلمة، لكن الثالثة لا تثبت وصلاً لحذفها لالتقاء الساكين، ثم اختلف القراء في إمالة هذا الحرف فنقول : هذا الحرف إما أن يوقف عليه أو لا، فإن وقف عليه فحمزة يميل ألفه الأخيرة؛ لأنها طرف منقبلة عن ياء.