أي : ولم ينج بشيء.
الرابع : أنه بدل من فاعل « يَنْفَعُ » فيكون مرفوعاً. قال أبو البقاء : وغلب من يعقل فيكون التقدير : إلاّ مالُ من، أو بنون من فإنه ينفع نفسه وغيره بالشفاعة.
قال شهاب الدين : وأبو البقاء خلط وجهاً بوجه، وذلك أنه إذا أردنا أن نجعله بدلاً من فاعل « يَنْفَعُ » قلنا : فيه طريقتان :
إحداهما : طريقة التغليب، أي : غلَّبنا البنين على المال، فاستثنى من البنين فكأنه قيل : لا ينفع البنون إلا من أتى من البنين بقلب سليم فإنه ينفع نفسه بصلاحه وغيره بالشفاعة.
والطريقة الثانية : أن نقدر مضافاً محذوفاً قيل « من » أي : إلاّ مال من، أو بنو من، فصارت الأوجه خمسة. ووجه الزمخشري اتصال الاستثناء بوجهين :
أحدهما : إلا حالة ﴿ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ وهو من قوله :
٣٩١٣ - تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ... وما ثوابه إلا السيف، ومثاله أن يقال : هل لزيدٍ مالٌ وبنون؟ فيقال : مالُه وبنُوه سلامة قلبِهِ، يريد نَفْيَ المالِ والبنين عنه، وإثبات سلامة قلبه بدلاً عن ذلك.
والثاني : قال : وإن شئت حملت الكلام على المعنى وجعلت المال والبنين في معنى الغنى، كأنه قيل : يوم لا ينفع غنى إلا من أتى الله، لأن غنى الرجل في دينه بسلامه قلبه، كما أن غناه في دنياه بماله وبنيه.
فصل
وفي « السليم » ثلاثةأوجه :
قال ابن الخطيب : أصحها : أن المراد منه سلامه النفس عن الجهل والأخلاق الرذيلة. وقيل : السليم : الخالص من الشرك والشك، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد، وهذا قول أكثر المفسرين. وقال سعيد بن المسيب : القلب السليم هو الصحيح، وهو قلب المؤمن، لأن قلب الكافر والمنافق مريض، قال الله تعالى :﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ [ البقرة : ١٠ ] [ المائدة : ٥٢ ] [ الأنفال : ٤٩ ]. وقيل : السليم : هو اللديغ من خشية الله. وقيل : السليم : هو الذي سَلَّم وأَسْلَم وسَالَم واسْتَسْلَم.