قال ابن عباس : المشركين. وقال مقاتل : هم التسعة الذين عقروا الناقة ( وهم الَّذِينَ ) يُفْسِدُونَ فِي الأَرْض بالمعاصي « ولا يُصْلِحُونَ » مع قوله :﴿ الذين يُفْسِدُونَ فِي الأرض ﴾ ؟ فالجواب : أن فسادهم خالص ليس معه شيء من الصلاح كما يكون حال بعض المفسدين مخلوطة ببعض الصلاح. ثم إن القوم أجابوه بقولهم :﴿ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ المسحرين ﴾. قال مجاهد.
وقتادة : من المسحورين : من المخدوعين، أي : ممن سحر مرة بعد مرة. وروى أبو صالح عن ابن عباس : أي : من المخلوقين المعللين بالطعام والشراب. قال المؤرج :
المسحَّر : المخلوق بلغة بجيل، يريد : أنك تأكل الطعام والشراب، أي : لست بملك، بل أن تبشر مثلنا.
والمعنى :« من المسحرين » أي : ممن له سحر، وكل دابة تأكل فهي سحرة، والسحر : أعلى البطن. وعن الفراء : المسحَّر : من له جوف، أراد : وإنك تأكل الطعام والشراب ﴿ مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ فكيف تكون نبياً؟ « فَأْتِ بِآيَةٍ » على صحة ما تقول ﴿ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين ﴾ أنك رسول الله إلينا. فقال صالح :﴿ هذه نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ ﴾ يجوز أن يكون الوصف وحده الجا روالمجرور، وهو قوله :( « لَهَا شِرْبٌ » ) و « شِرْبٌ » فاعل به لاعتماده. ويجوز أن يكون « لَهَا شِرْبٌ » صفة ل « ناقة ».
وقرأ ابن أبي عبلة :« شُرْبٌ » بالضم فيهما. والشِّرْب - بالكسر - النصيب من الماء كالسِّقي، وبالضم : المصدر.

فصل


روي أنهم قالوا : نريد ناقة عشراء تخرج من الصخرة فتلد سقباً. فتفكر صالح، فقال له جبريل - عليه السلام - صلِّ ركعتين، وسل ربك الناقة. ففعل، فخرجت الناقة، وبركت بين أيديهم، وحصل سقب مثلها في العظم، ثم قال لهم صالح :﴿ هذه نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ ﴾ حظ ونصيب من الماء ﴿ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمِ مَعْلُومٍ ﴾. قال قتادة : كانت يوم شربها تشرب ماءهم كلهم وشربهم في اليوم الذي لاَ تشرب هي. ﴿ وَلاَ تَمَسُّوهَا بسواء ﴾ بعقر أو ضرب أو غيرهما ﴿ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ روي أن مسطعاً ألجأها إلى مضيف فرماها بسهم، فسقطت، ثم ضربها قدار. ﴿ فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ ﴾ على عقرها. فإن قيل : لم أخذهم العذاب وقد ندموا؟ فالجواب : أن ندمهم كان عند معاينة العذاب حين لا ينفع الندم. وقيل : لم يكن ندمهم ندم [ التائبين، لكن ندم ] [ الخائفين ] من العقاب العاجل. ﴿ فَأَخَذَهُمُ العذاب إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم ﴾.


الصفحة التالية
Icon