ولا نعلم أحداً خالف سيبويه في هذا وقال المبرّد في كتاب الخط : كتبوا في بعض المواضع :« كَذَّبَ أَصْحَابُ لَيْكَةَ } بغير ألف، لأن الألف تذهب في الوصل، ولذلك غلط القارىء بالفتح فتوهم أن » لَيْكَة « اسم شيء، وأن اللام أصل فقرأ :» أَصْحَابُ لَيْكَة «. ؟
وقال الفراء : نرى - والله أعلم - أنها كتبت في هذين الموضعين بترك الهمز، فسقطت الألفُ لتحريك اللام. قال مكيّ : تعقَّبَ ابن قتيبة على أبي عبيدة فاختار »
الأَيْكَة « بالألف والهمزة والخفض، وقال : إِنَّمَا كُتِبَتْ بغير ألف على تخفيف الهمزة، قال : وقد أجمع الناس على ذلك، يعني : في » الحِجْر « و » ق « فوجب أن يُلحَق ما في » الشعراء « و » ص « بما أجمعُوا عليه، فما أجمعوا عليه شاهد لما اختلفوا فيه. وقال أبو إسحاق : القراءة بِجَرِّ لَيْكَةِ وأنت تريد » الأَيْكَةِ « أجود من أن تجعلها » لَيْكَه « وتفتحها؛ لأَنَّها لا تتصرف لأن » لَيْكَة « لا تُعرَّفُ، وإنما هي » أَيْكَة « للواحد، و » أَيكٌ « للجمع، مثل : أَجمة وأَجَم. والأَيْكُ : الشجر الملتف، فأجود القراءة فيها الكسر وإسقاط الهمزة لموافقة المصحف؛ ولا أعلمه إلا قد قرىء به.
وقال الفارسي : قول من قال :»
لَيْكَة « بفتح التاء مُشكِلٌ، لأنه فتح مع لحاق اللام الكلمة، وهذا في الامتناع كقول من قال : مَرَرْت بِلَحْمَر. فيفتح الآخر مع لحاق لام المعرفة، وإنما كتبت » لَيْكَة « على تخفيف الهمز، والفتح لا يصح في العربية لأنه فتح حرف الإعراب في موضع الجرّ مع لام المعرفة، فهو على قياس قول من قال : مَرَرْتُ بِلَحْمَر، ويبعد أن يفتح نافع ذلك مع ما قال عنه ورش. يعني أنَّ وَرْشاً نقل عن نافع نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها حيث وُجِدَ بشروط مذكورة، ومن جملة ذلك ما في سورة » الحِجْر « و » ق « لفظ » الأَيْكَة «، فقرأ على قاعدته في السورتين بنقل الحركة وطرح الهمزة وخفض التاء، فكذلك ينبغي أن يكون الحكم في هذين الموضعين أيضاً.
وقال الزمخشري : قرىء »
أَصْحَابُ الأَيْكَةِ « بالهمزة وبتخفيفها وبالجر على الإضافة، وهو الوجه، ومن قرأ بالنصب وزعم أنَّ » لَيْكَة « بوزن :» لَيْلَة « - اسم البلد - فتوهُّمٌ قاد إليه خط المصحف..


الصفحة التالية
Icon