وأما قوله : وأما النملة والقملة فلا يتميَّز، يعني لا يتوصَّلُ لمعرفة الذكر منهما ولا الأنثى بخلاف الحمامة والشاة، فإن الاطلاع على ذلك ممكن، فهو أيضاً ممنوع إذ قد يمكن الاطلاع على ( ذلك، وأن الاطلاع على ذكورية الحمامة والشاة أسهل من الاطلاع على ) ذكورية النملة والقملة، ومنعه أيضاً أن يقال هو الشاة وهو الحمامة ممنوع.
وقرأ الحسن وطلحة ومعتمر بن سليمان :« النّمُلُ » و « نَمُلَة » بضم الميم وفتح النون بزنة رجل وسمرة، وسليمان التيمي بضمتين فيهما، وتقدم ان ذلك لغات في الواحد والجمع. قوله « لاَ يَحْطِمَنَّكُم »، فيه وجهان :
أحدهما : أنه نهي.
والثاني : أنه جواب للأمر.
وإذا كان نهياً ففيه وجهان :
أحدهما : أنه نهي مستأنف لا تعلق له بما قبله من حيث الإعراب، وإنما هو نهي للجنود في اللفظ، وفي المعنى للنمل، أي لا تكونوا بحيث يحطمونكم، كقولهم : لا أَرَينَّك ههُنَا.
والثاني : أنه بدل من جملة الأمر قبله، وهو « ادْخُلُوا »، وقد تعرض الزمخشري لذلك، فقال : فإن قلت : لا يحطمنكم ما هو؟ قلت يحتمل أن يكون جواباً للأمر، وأن يكون نهياً بدلاً من الأمر، والذي جوَّز أن يكون بدلاً منه أنه في معنى : لا تكونوا حيث أنتم فيحطمنكم، على طريقة : لاَ أَرَيَنَّكَ ههُنَا، أرادت : لا يحطمنكم جنود شسليمان، فجاءت بما هو أبلغ، ونحوه :
٣٩٣٧ - عَجِبْتُ مِن نَفْسِي وَمِنْ إشْفَاقِهَا... قال أبو حيان : اما تخريجه على أنه جواب الأمر، فلا يكون ذلك إلا على قراءة الأعمش، فإنه مجزوم مع أنه يحتمل أن يكون استئناف نهي يعني أن الأعمش قرأ :« لاَ يَحْطَمْكُمْ » بجزم الميم دون نون توكيد، قال : وأما مع وجود نون التوكيد فلا يجوز ذلك إلا إن كان في شعر، وإذا لم يجز ذلك في جواب الشرط إلا في الشعر فأحرى أن لا جوز في جواب الأمر إلا في الشعر، وكونه جواب الأمر متنازع فيه على ما قرر في علم النحو. ومثال مجيء النون في جواب الشرط قوله الشاعر :

٣٩٣٨ - نَبَتُّمْ نَبَاتَ الخَيْزُرَانَةِ في الثَّرَى حَدِيثاً مَتَى مَا يَأْتِكَ الخَيْرُ يَنْفَعَا
وقول الآخر :


الصفحة التالية
Icon