وقلت : إنه ركب الحمار، فقالت : سلم أن الرب لا يحمله حمار، وقالت للناس : رب لم يحمله حمار وباهيتها ببسملتك التي لفقها الفلاسفة للأساقفة، فقالت لم نر أحبار الملة المسيح، وقالت : أحبار الملة محل مرسلين، وقال : ما حرر إلا المسيح الأمانة وقلت : إن النصارى لا تمسهم النار، فقالت : حر لهب النار لأمم المسيح، وكهرت الإسلام بإيمان، وقالت : من حرم الإسلام لا ربح له، وقالت : إن المسلم لحري بالرحمة، وقالت : ما برح الله راحم المسلمين، وقالت : إن ملة الإسلامة رحم رحيب، وقالت : لا راحة لمحارب المسلمين، وقالت : إن ملة الإسلام رحم رحيب، وقالت : لا راحة لمحارب المسلمين، وقالت : الإسلام حرم لا رأي لمحاربه. وقالت : المسلم حرب للنار الحامية، وقالت : حن المسلم إلى رحمة الرب، وقالت : الأحبار رحمة للمسلمين، وقالت : المحراب راحة للمسلمين، ونَقِمْتَ قيام الدين بالسيف، فقالت : أم الحسام للنبي الرحمة، وأثنت البسملة على نفسها فقالت : البسملة لأرحم الراحمين، وقالت : الحرُّ ينال الرحمة ما بسمل. فانظر إلى البسملة قد لاحت لك بارقة من أنوارها وحلت لك عقدة من إزار أسرارها تخبر أن من وارء رجلها خيولاً وليوثاً، ومن دون طلبها سيولاً وغيوثاً، وأما بسملتك فلو كان على أصل ثابت، أو لم تغرس من الكفر على أخبث المنابت، لهززت إليك بجذعها، واستدللت عل طيب أصلها بخير فروعها، لكنّي ودتها شجرة خبيثة، وثمرة لا تسوغها القديمة ولا الحديثة، ألفاظها تصم الأسماع ومعانيها تحلّ عقود الإجماع، والنظر فيها يصدىء الأفهام والعقول، ويعلم كل غائب ما يقول، ولذلك ضربت عن ذكرها صفْحاً، وعددت الإعراض عنها غنيمةً وربحاً، فكفرها قائم وقاعد، والمعترف بها سواء والجاحد، والثلاثة الآلهة فيها يوصفون بالواحد، وأما بسملة المسلمين : فإنّ الله أودعها من العلوم والحكم ما فضلهم به على سائر الأمم، وأعلم أنّ منها ألفات اختصرت، وبين الهجاء مواضعها غابت أو حضرت، وقد استعملت بعضها في بعض المواضع؛ لأبين حكمها وأحيي رسمها، وصرفتها للمسألتين، وصارت كعبة فضلها للقبلتين، وتارة توافق حروفها في العدد والعادة، وتارة تقضي على ألفات الوصل بالزيادة، وما أخطأت - بحمد الله - منها واحدة صواباً، ولا عييت جواباً ولا خرجت عن حدها كتابة ولا حساباً، ولا تحسبني استحسنت كلمتك الباردة، فنسجت على منوالها، وقابلت الواحدة منها بعشر أمثالها، وما كان ذلك الهذيان مما يُجاب، لولا ما يداخلك من التيه والإعجاب، فتظن أنّك جِئْتَ بشيء عُجاب، أو حكمة كلمك الله بها وحياً أو من وراء حجابٍ، وتقول لإخوانك الذين يمدُّونك في الغَيّ ويحسبون أنك على شيء : قد أفحمت بكلمتي المسلمين، وأسكت بمسألتي فُضلاء المتكلمين، فتذر قومك في طغيانهم، وتقرهم على فساد إيمانهم، ولا أنت ممن يجري بمحاكاة كفرك قلمي، ولا أحرّك به لساني، ولا أفغر به فمي، وقد أتيتك بما يتعبك فيبهتك ويسمعك ما يصمّك عن الإجابة، ويصمتك على أسلوب رأيته في كتب أنبيائك، وتفاسير علمائك تعلم به أنّ هذه البسملة مستقر لسائر العلوم والفنون، ومستودع لجوهر سرِّها المكنون، أَلاَ ترى أَنَّ البسملة إذا حصلت جُمَلها كان عدده سبعمائة وستة وثمانين ب، س، م، ا، ل، ل، ه، ا، ل، ر، ح، م، ن، ا، ا، ل، ر، ح، ي، م، ٢، ٦٠، ٤٠، ١، ٣٠، ٣٠، ٥، ١، ٣٠، ٢٠٠، ٨ ٤٠، ٥٠، ١، ٣٠، ٢٠٠، ٨، ١٠، ٤٠ وإذا قُلتَ إِنّ مثل عيسى كآدم وافق جملها سبعمائة وستّة وثمانين، وإنْ باهيتها ببسملتك التي ترعد من كفرها الفرائص، وتجوز بالبهتان ما لا يجوز على الله من النقائص، ردت عليه وقالت : ليس لله من شريك، جملها سبعمائة وستة وثمانين، بحساب الألف التي بعد لامي الجلالة، وقالت : ولا أشر ربّي أحداً سبعمائة وستة وثمانين، وقالت : ما لِعُلُومِ الفلسفة أنوار هداية، سبعمائة وستة وثمانين، وقالت : يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ : سبعمائة وستة وثمانين، بإسقاط ألف الجلالة.


الصفحة التالية
Icon