فإن قيل :( عَمِيَ ) يتعدى ب ( عَنْ ) تقول : عَمِي فلان عن كذا، فلم عدي ب ( مِنْ ) قوله « مِنْهَا عَمُونَ » ؟ فالجواب : أنّه جعل الآخرة مبدأ عَمَاهُم ومنشأه.
فصل
المعنى على قراءة ابن كثير :« أَدْرَكَ » أي بلغ ولحق، كما تقول : أدركه علمي، إذَا لحقه وبلغه يريد : ما جهلوا في الدنيا وسقط علمه عنهم علموه في الآخرة. قال مجاهد : يدريك علمهم في الآخرة ويعلمونها إذا عاينوها، حين لا ينفعهم علمهم.
وقال مقاتل : بل علموا في الآخرة حين عاينوها ما شكّوا وعمُوا عنه في الدنيا. كقوله ﴿ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا ﴾، أي هم اليوم في شك من الساعة. وعلى قراءة « ادَّارَكَ »، تتابع علمهم في الآخرة أنها كائنة ﴿ هُمْ فِي شَكٍّ ﴾ في وقتهم. وقيل استفهام معناه : هل تدارك وتتابع بذلك في الآخرة يعني لم يتتابع، وضلّ وغاب علمهم به، فلم يبلغوه ولم يُدركوه، لأنّ في الاستفهام ضرباً من الجحد. وقال علي بن عيسى : بل ههنا لو أدركوا في الدنيا ما أدركوا في الآخرة لم يشكُّوا بل هُم مِنْهَا عَمُونَ جمع عمٍ، وهو الأعمى القلب.