وكلها مصادر ل « رَأَفَ بِهِ يَرْؤُف »، وتقدم معناه، وأشهر المصادر الأول، ونقل أبو البقاء فيها لغة رابعة، وهي إبدال الهمزة ألفاً، وهذا ظاهر.
وقرأ العام « تَأْخُذْكُمْ » بتاء التأنيث مُرَاعاةً للفظ.
وعليُّ بن أبي طالب والسُّلميُّ ومجاهد بالياء من تحت، لأنَّ التأنيث مجازيّ، وللفصل بالمفعول والجار.
و « بِهِمَا » يتعلق ب « تَأْخُذْكُمْ »، أو بمحذوف على سبيل البيان، ولا يتعلق ب « رَأْفَة » لأن المصدر لا يتقدم عليه معمولاً، و « دِينِ اللَّهِ » مُتعلِّقٌ بالفعل قبله أيضاً.
وهذه الجملة دالة على جواب الشرط بعدها، أو هي الجواب عند بعضهم.

فصل


الزنا حرام، وهو من الكبائر، لأن الله تعالى قرنه بالشرك وقتل النفس في قوله :« وَلاَ يَزْنُونَ »، وقال ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى ﴾ [ الإسراء : ٣٢ ]، وقال عليه السلام :« يَا مَعْشَرَ الناس اتقوا الزِّنَا فإنَّ فيه ست خصال : ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، أما التي في الدنيا : فيُذْهِبُ البهاء، ويورث الفقر، وينقص العمر. وأما اللاتي في الآخرة : فسُخْطُ الله، وسوء الحساب، وعذاب ( النار ) ».
قال بعض العلماء في حدّ الزنا : إنه عبارة عن إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعاً محرم قطعاً.
واختلف العلماء في اللواط، هل يسمى زنا أم لا؟
فقيل : نعم لقوله - عليه السلام - :« إذا أتى الرجلُ الرجلَ فهما زانيان »، ولدخوله في حدّ الزنا المتقدم. وقيل : لا يسمى زنا، لأنه في العرف لا يسمى زانياً، ولو حلف لا يزني فلاط لم يحنث، ولأن الصحابة اختلفوا في حكم اللواط وكانوا عالمين باللغة.
وأما الحديث فمحمول على الإثم ( بدليل قوله - عليه السلام - ) :« إذَا أَتَتِ المَرْأةُ المرأةَ فَهُمَا زَانِيتَان »، وقوله عليه السلام :« اليَدَان تَزْنِيَان، والعَيْنَان تَزْنِيَان » وأما دخوله في مسمى الفرج لما فيه من الانفراج فبعيد، لأن العين والفم منفرجان ولا يسميان فرجاً، وسمي النجم نجماً لظهوره، وما سموا كل ظاهر نجماً، وسموا الجنين جنيناً لاستتاره، وما سمّوا كل مستتر جنيناً.
واختلفوا في حدّ اللوطي :
فقيل : حدّ الزنا، إن كان محصناً رجم، وإن كان غير محصن جلد وغرب.
وقيل : يقتل الفاعل والمفعول مطلقاً.
واختلفوا في كيفية قتله :
فقيل : تضرب رقبتُه كالمرتد لقوله عليه السلام :« مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوه ».
وقيل : يرجم بالحجارة.
وقيل : يهدم عليه جدار.
وقيل : يرمي من شاهق، لأن الله تعالى عذب قوم لوط بكل ذلك.
وقيل : يعزّر الفاعل، وأما المفعول فعليه القتل إن قلنا يقتل الفاعل، وإن قلنا على الفاعل حدّ الزنا فعلى المفعول جلد مائة وتغريب عام محصناً كان أو غير محصن.
وقيل : إن كانت امرة محصنة فعليها الرجم.


الصفحة التالية
Icon