وقرأ شَمِر « خِطْبَكُمَا » بالكسر أي : ما زوجكما؟ أي : لِمَ تَسْقِيَانِ وَلَمْ يَسْقِ زَوْجُكُمَا؟ وهي شاذة جداً.
قوله :﴿ حتى يُصْدِرَ الرعآء ﴾ قرأ أبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر بفتح الياء وضم الدال من صَدَرَ يَصْدُرُ وهو قاصر، أي : حتى يرجع الرعاء : أي : يرجعون بمواشيهم والباقون بضم الياء وكسر الدال مضارع أَصدرَ مُعدًّى بالهمزة، والمفعول محذوف، أي : يُصدرُونَ مواشِيهم، والعامة على كسر الراء من « الرِّعَاء »، وهو جمع تكسير غير مقيس لأنَّ فاعلاً الوصف المعتل اللام كقاضٍ قياسه ( فُعَلَة ) نحة قُضَاة ورُمَاة.
وقال الزمخشري : وأما الرِّعَاء بالكسر فقياس كصِيام وقِيام. وليس كما ذكر ( لِمَا ذَكَرْنَاهُ ). وقرأ أبو عمرو - في رواية - بفتح الراء. قال أبو الفضل : هو مصدر أقيم مقام الصفة فلذلك استوى فيه الواحد والجمع أو على حذف مضاف، وقرىء بضمها، وهو اسم جمع كرخال وثُنَاء. وقرأ ابن مصرف « لا نُسْقِي » بضم النون من أَسْقَى، وتقدم الفرق بين سَقَى وأَسْقَى في النحل، والمعنى لا نسقي حتى يرجع الرّعاء عن الماء، والرّعاء جمع راع مثل تاجر وتِجَار، أي : نحن امرأتان لا نطيق أن نزاحم الرجال فإذا صدروا سقينا مواشينا ما أفضلت مواشيهم في الحوض، و ﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ لا يقدر أن يسقي مواشيه ولذلك احتجنا نحن إلى سقي الغنم.
فصل
قال مجاهد والضحاك والسدي والحسن : أبوهما هو شعيب النبي ﷺ. ( وإنه عاش عمراً طويلاً بعد هلاك قومه حتى أدركه موسى عليه السلام، وتزوج بابنته ). وقال وهب وسعيد بن جبير : هو يثرون ابن أخي شعيب ( وكان شعيب ) قد مات بعد ذلك بعدما كف بصره فدفن بين المقام وزمزم. وقيل : رجل ممن آمن بشعيب. قالوا : فلما سمع قولهما رحمهما فاقتلع صخرة من رأس بئر أخرى كانت بقربهما لا يطيق رفعها إلا جماعة من الناس، وقال ابن إسحاق : إنَّ موسى زاحم القوم ونحاهم عن رأس البئر فسقى غنم المرأتين. وروي أن القوم لمَّا رجعوا بأغنامهم غطوا رأس البئر بحجر لا يرفعه إلا عشر نفر، فجاء موسى فرفع الحجر وحده، وسقى غنمهما، ويقال : إنه نزع ذنوباً واحداً ودعا فيه بالبركة فروي منه جميع الغنم.
قوله :« فَسَقَى لَهُمَا » مفعوله محذوف أي : غنمهما لأجلهما، ﴿ ثُمَّ تولى إِلَى الظل ﴾ أي : إلى ظل شجرة فجلس في ظلها من شدة الحر وهو جائع. قال الضحاك : لبث سبعة أيام لم يذق طعاماً إلا بقل الأرض.
فصل
« لِمَا أَنْزَلْتَ » متعلق ب « فَقير » قال الزمخشري : عُدِّي فقير باللام لأنه ضمن معنى سائل وطالب ويحتمل إني فقير من الدنيا لأجل ما أنزلتَ إِليَّ من خير الدين، وهو النجاة من الظالمين.