معناه : لم تسكن من بعدهم إلا سكوناً يسيراً قليلاً، وقيل : لم يعمَّر منها إلا أقلها وأكثرها خراب، فقوله :« لَمْ تُسْكَنْ » جملة حالية، والعامل فيها معنى تلك، يجوز أن يكون خبراً ثانياً، و « إلا قليلاً » أي : إلا سكنى قليلاً، أو إلا زماناً قليلاً، أو إلا مكاناً قليلاً. ﴿ وَكُنَّا نَحْنُ الوارثين ﴾. كقوله :﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا ﴾ [ مريم : ٤٠ ].
قوله :﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ ﴾ يعني القرى الكافرة أهلها حتى نبعث في أمِّها رسولاً، أي في أكثرها وأعظمها رسولاً ينذرهم وخصّ الأعظم ببعثة الرسول فيها لأن الرسول يبعث إلى الأشراف، والأشراف يسكنون المدائن والمواضع التي هي أم ما حونلها، وهذا بيان لقطع عذرهم، لأن عدم البعثة يجري مجرى العذر للقوم، فوجب ألا يجوز إهلاكهم إلا بعد البعثة.
وقوله :﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ﴾ أي : يؤدّي ويلِّبغ، قال مقاتل : يخبرهم الرسول أنَّ العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا، ﴿ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي القرى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾ : مشركون أي : أهلكهم بظلمهم، وأهل مكة ليسوا كذلك، فإن بعضهم قد آمن وبعضهم قد علم الله منهم أنَّهم وإن لم يؤمنوا لكنه يخرج من نسلهم من يؤمن.