فصل
إن قيل :« ما » للإثبات فمعناه : ويختار الله ما كان لهم الخيرة، أي : يختار ما هو الأصلح والخير، وإن قيل : ما للنفي أي : ليس إليهم الاختيار، أو ليس لهم أن يختاروا على الله كقوله :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [ الأحزاب : ٣٦ ] ثم قال منزِّهاً نفسه سبحانه وتعالى « عَمَّا يُشْرِكُونَ » أي : إن الخلق والاختيار والإعزاز والإذلال مفوض إليه ليس لأحد فيه شركة ومنازعة ثم أكد ذلك بأنه ﴿ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ﴾ من عداوة رسول الله ﷺ « وَمَا يُعْلِنُونَ » من مطاعنهم فيه، وقولهم : هلا اختير غيره في النبوة، . ولما بيَّن علمه بما هم عليه من الغل والحسد والسفاهة قال :﴿ وَهُوَ الله لاا إله إِلاَّ هُوَ لَهُ الحمد فِي الأولى والآخرة ﴾، وهذا تنبيه على كونه قادراً على كل الممكنات عالماً بكل المعلومات منزهاً عن النقائص والآفات ﴿ لَهُ الحمد فِي الأولى والآخرة ﴾ وهذا ظاهر على مذهب أهل السنة لأن الثواب غير واجب عليه بل يعطيه فضلاً وإحساناً، و ﴿ لَهُ الحمد فِي الأولى والآخرة ﴾ ويؤكد قول أهل الجنة ﴿ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن ﴾ [ فاطر : ٣٤ ]. ﴿ الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ ﴾ [ الزمر : ٧٤ ] ﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين ﴾ [ يونس : ١٠ ] « ولَهُ الحُكْمُ » وفصل القضاء بين الخلق، قال ابن عباس : حكم لأهل طاعته بالمغفرة ولأهل المعصية بالشقاء « وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ » أي : إلى حكمه وقضائه.