٤٠١٧ - تَنُوءُ بِأُخْرَاهَا فَلأْياً قِيَامُهَا | وَتَمْشي الهَوَيْنَا عن قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ |
٤٠١٨ - إذَا وَجَدْنَا خَلْفاً بِئْسَ الخَلَفْ | عَبْداً إذَا مَا نَاءَ بالحِمْلِ وَقَفْ |
والثاني : قال أبو عبيدة إنَّ في الكلام قلباً، والأصل : لتنوء العصبة بالمفاتح أي : لتنهض بها لقولهم : عرضت لناقة على الحوض، وتقدم الكلام في القلب وأن فيه ثلاثة مذاهب، وقرأ بديل بن ميسرة : لينوء بالياء من تحت والتذكير، لأنه راعى المضاف المحذوف، إذ التقدير حملها أو ثثقلها، وقيل الضمير في « مَفَاتِحَه » ل « قَارُونَ » فاكتسب المضاف من المضاف إليه التذكير، كقولهم : ذهبت أهل اليمامة، قاله الزمخشري؛ يعني كما اكتسب « أَهْل » التأنيث اكتسب هذا التذكير، و « العُصْبَةُ » : الجماعة الكثيرة، والعصابة مثلها، قال مجاهد : ما بين العشرة إلى الأربعين؛ لقول إخوة يوسف ﴿ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ [ يوسف : ٨ ] وكانوا عشرة لأن يوسف وأخاه لم يكونا معهم وقيل : أربعون رجلاً وقيل سبعون روي عن ابن عباس : كان يحمل مفاتحه أربعون رجلاً أقوى ما يكون من الرجال، وروى جرير عن منصور عن خيثمة قال : وجدت في الإنجيل أن مفاتيح خزائن قارون وقر ستين بغلاً ما يزيد مفتاح منها على إصبع لكل مفتاح منها كنز، وطعن بعضهم في هذا القول من وجهين الأول : انَّ مال الرجل الواحد لا يبلغ هذا المبلغ ولو أنا قدرنا بلدة مملوءة من الذهب والجواهر لكان لها أعداد قليل من المفاتيح، فأي حاجة إلى تكثير هذه المفاتيح؟ الثاني : أن المكنوز هي الأموال المدخرة في الأرض فلا يجوز أن يكون لها مفاتح.
وأجيب عن الأول أن المال إذا كان من جنس ( العروض لا من جسن النقد ) جاز أن يبلغ في الكثرة إلى هذا الحد، وأيضاً أن قولهم تلك المفاتح بلغت ستين حملاً ليس مذكوراً في القرآن، فلا تقبل هذه الرواية، وعن الثاني أن الكنز وإن كان من جهة العرف ما قالوا فقد يقع على المال المجموع في المواضع التي عليها أغلاق وحمل ابن عباس والحسن المفاتح على نفس المال وهذا أبين، قثال ابن عباس كانت خزائنه يحملها أربعون رجلاً أقوياء، وقال أبو مسلم المراد من المفاتح العلم والإحاطة، كقوله تعالى ﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ ﴾ [ الأنعام : ٥٩ ] والمراد : آتيناه من الكنوز لكثرتها واختلاف أصنافها ما يتعب القائمين أن يحفظوها.
قوله :« إذْ قَالَ » فيه أوجه : أن يكون معمولاً ل « تَنُوءُ » قاله الزمخشري، أو ل « بَغَى » قاله ابن عطية، وردَّه أبو حيان بأن المعنى ليس على التقييد بهذا الوقت أو ل « آتَيْنَاهُ » قاله أبو البقاء وردَّه أبو حيان بأن الإيتاء لم يكن ذلك الوقت.