قوله :﴿ مَن جَآءَ بالهدى ﴾ منصوب بمضمر، أي : يَعْلَمْ أو « أَعْلَم » إن جعلناها بمعنى عالم وأعملناها إعماله، ووجه تعلقه بما قبله أنَّ الله تعالى لما وعد رسوله - ﷺ - الرد إلى معاد قال : قل للمشركين ﴿ ربي أَعْلَمُ مَن جَآءَ بالهدى ﴾ يعني نفسه وما يستحقه من الثواب في المعاد والإعزاز بالإعادة إلى مكة ﴿ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ يعنيهم وما يستحقونه من العذاب في معادهم.
قوله :﴿ وَمَا كُنتَ ترجوا أَن يلقى إِلَيْكَ الكتاب ﴾ أي : يوحى إليك القرآن ﴿ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾ قال الفراء هذا استثناء منقطع، أي : لكن رحمة من ربك فأعطاك القرآن وقيل : متصل. قال الزمخشري : هذا كلام محمول على المعنى، كأنه قيل : وما ألقي إليك الكتاب إلا رحمة. فيكون استثناء من الأحوال ومن المفعول له، ﴿ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ ﴾ أي : معيناً لهم على دينهم، قال مقاتل : وذلك حين دعي إلى دين آبائه فذكره الله نعمه ونهاه عن مظاهرتهم على ما هم عليه.
قوله :﴿ وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ الله ﴾ قرأ العامة بفتح الياء وضم الصاد، من : صدَّه يصُدُّه، وقرىء بضم الياء وكسر الصاد، من : أصده بمعنى صَدَّه، حكاها أبو زيد عن كلب. قال الشاعر :
٤٠٢٣ - أُنَاسٌ أَصَدُّوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ عَنْهُم | صُدُودَ السَّوَاقِي عَنْ أُنُوف الحَوَائِمِ |
قوله :﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ﴾ من جعل شيئاً يطلق على الباري تعالى - وهو الصحيح - قال : هذا استثناء متصل، والمراد بالوجه الذات، وإنَّما جرى على عادة العرب في التعبير بالأشرف عن الجملة، ومن لم يطلق عليه جعله متصلاً أيضاً، وجعل الوجه ما عمل لأجله أو الجاه الذي بين الناس، أو يجعله منقطعاً أي : لكن هو تعالى لم يهلك.