الفائدة الثانية : أن العلم الأول أتم، وإن ( كان ) الثاني أعم، وكون الأعم يسيراً على الفاعل أتم من كونه مقدوراً به، بدليل قولك لمن يحمل مائة مَنٍّ أنه قادر عليه، ولا يقول : إنه سهل عليه فإذا سئلت عن حمله عشر ( أمنات ) يقول ذلك سهل يسير، فنقول كان التقدير إن لم يحصل لكم العلم التام بأن هذه الأمور عند الله سهل يسير فسيروا في الأرض ليعلموا أنه مقدور، وفنس كونه مقدوراً كاف في إمكان الإعادة.
قوله :﴿ ثُمَّ الله يُنشِىءُ النشأة ﴾، قرأ ابن كثير وأبو عمرو النَّشَاءةَ، بالمد هنا، والنجم، والواقعة والباقون بالقص، وهما لغتان كالرأفة والرآفة، وانتصابهما على المصدر المحذوف الزوائد والأصل : الإنشاءة، أو على حذف العامل، أي ينشىء فتُنَشَّئُونَ النَّشْأَةَ، وهي مرسومة بالألف وهو يقوي قراءة المد والمعنى ثم الله الذي خلقها ينشئها نشأة ثانية بعد الموت، فكما لم يتعذر عليه إحداثُها مبتدئاً لا يتعذر عليه إنشاؤها معيداً.
وقوله :« ثم يُعِيدُه »، ﴿ ثم الله ينشىء ﴾ مستأنفات من إخبار الله تعالى، فليس الأول داخلاً في حيز الرؤية، ولا الثاني في حيز النظر، ﴿ إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.