قوله :« وَأَثَارُوا الأَرْضَ » حَرَثُوهَا وقلبوها للزراعة ( ومنه « البَقَرَة تُثِيرُ الأَرْضَ » وقيل : منه سمي ثوراً )، وأنتم لا حراثة لكم، « وعَمَرُوها أَكْثَرَ ممّا عَمَرُوهَا » أهل مكة، قيل : قال ذلك لأنه لم يكن لأهل مكة حرث، وقوله :« أكثر مما » نعت مصدر محذوف أي عمارة أكثر من عمارتهم. وقرىء :« وآثَارُوا » بألف بعد الهمزة وهي إشباع لفتح الهمزة.
قوله :﴿ وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات ﴾ فلم يؤمنوا فأهلكهم الله، ﴿ فَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ﴾ بنقص حقوقهم ﴿ ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ بِبَخْسِ حُقُوقِهِمْ.
قوله :« عَاقِبَةُ الذَّيِنَ » قرأ نافعٌ، وابنُ كثيرٍ، وأبو عمروٍ بالرفع، والباقون بالنصب، فالرفع على أنها اسم كان، وذكر الفعل لأن التأنيث مجازي، وفي الخبر حينئذ وجهان :
أحدهما :« السوءى » أي الفعلة السوءى والخَصْلَةُ السوءى.
والثاني :« أَنْ كَذَّبُوا » أي كان آخر أمرهم التكذيب فعلى الأول يكون في « أَنْ كَذَّبُوا » وجهان :
أحدهما : أنه على إسقاط الخافض إما لام العلة أي لأن كذبوا، وإما باء السببية أي بأن كذبوا فلما حذف الحرف جرى القولان المشهوران بين الخليل وسيبويه في محل « أَنْ ». :
والثاني : أنه بدل من « السُّوءَى » أي ثم كان عاقبتهم التكذيب، وعلى الثاني يكون « السوءى » مصدراً « لأساءوا » أو يكون نعتاً لمفعول محذوف أي أساء والفعلةَ والسُّوءَى، و « السوءى » تأنيث « لِلأَسْوَأ ». وجوز بعضهم أن يكون خبر كان محذوفاً للإبهام، و « السوءى » إما مصدر وإما مفعول كما تقدم أي اقْتَرَفُوا الخَطِيئَةَ السُّوءَى؛ أي كان عاقبتهم الدّمار. وأما النصب فعلى خبر كان، وفي الاسم وجهان :
أحدهما :« السوءى » إن كانت الفعلة السوءى عاقبةَ المُسِيئينَ، و « أَنْ كَذَّبُوا » على ما تقدم.
الثاني : أن الاسم « أَنْ كَذَّبُوا » و « السُّوءَى » على ما تقدم. المعنى : ثم كان عاقبة الذين أساءُوا السُّوءى يعني : الخلة التي تسوؤهم وهي النار ( وهي ) السُّوءَى اسم لجهنم كما أن الحُسْنَى اسم للجنة « أن كذبوا » أي لأن كذبوا، وقيلك تفسير « السوءى » ما بعده، وهو قوله :« أَنْ كَذَّبُوا » يعني : ثم كان عاقبة المسيئين التكذيب حَمَلَهُمْ تلك السيئات على أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون.


الصفحة التالية
Icon