وأيضاً لو تلاعنا فيما بينهما لم يوجب الفرقة، فكذا عند الحاكم. وأيضاً فاللعان إسقاط الحد ( فكذا اللعان لا تأثير له إلا إسقاط الحد ).
وأيضاً فلو أكذب الزوج نفسه في قذفة إياها ثم حُدَّ لم يوجب ذلك الفرقة، فكذا إذا لاَعَن، لأن اللعان قائم مقام درء الحد.
وأما تفريق النبي - ﷺ - في قصة العجلاني، وكان قد طلقها ثلاثاً بعد اللعان فلذلك فرق بينهما.
وقال أصحاب الرأي : لا تقع الفرقة بفراغهما من اللعان حتى يفرق الحاكم بينهما، لما روى سهل بن سعد في قصة العجلاني مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ولأن في قصة عويمر أنهما لما فرغا قال : كذبتُ عليْهَا يا رسول الله إن أمسكتها، هي طالق ثلاثاً، ( فطلقها ثلاثاً ) قبل أن يأمرهما، ولو وقعت الفرقة باللعان لبطل قوله : كذبت عليها إن أمسكتُها، لأن إمساكها غير ممكن، ولأن اللعان شهادة لا يثبت حكمه إلا عند الحاكم، فوجب ألا يوجب الفرقة إلا بحكم الحاكم، كما لا يثبت المشهود به إلا بحكم الحاكم وقال مالك والليث وزفر :( إذا فرغا ) من اللعان وقعت الفرقة وإن لم يفرق الحاكم بينهما، لأنه لو تراضيا على البقاء على النكاح لم يخليا، بل فرق بينهما، فدل على أن اللعان قد أوجب الفرقة.
وقال الشافعي : إذا أكمل الزوج الشهادة فقد زال فراش امرأته، ولا يحل له أبداً لقوله تعالى :﴿ وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا العذاب... الآية ﴾، فدل هذا على أنه لا تأثير للعان المرأة إلا في دفع العذاب عن نفسها، وأن كل ما يجب باللعان من الأحكام فقد وقع بلعان الزوج، ولأن لعان الزوج مستقلّ بنفي الولد، فوجب أن يكون الاعتبار بقوله في الإلحاق لا بقولها.

فصل


في كيفية اللعان
وهو مذكور في الآية صريحاً. قال العلماء : يقام الرجل حتى يشهد والمرأة قاعدة، وتقام المرأة حتى تشهد والرجل قاعد، ويأمر الإمام من يضع يده على فيه عند الانتهاء إلى اللعنة والغضب ويقول له : إني أخاف إن لم تكن صادقاً. ويكون اللعان عند الحاكم، فإن كان بمكة كان بين المقام والركن، وإن كان بالمدينة عند المنبر، وبيت المقدس في مسجده، وفي المواضع المعظمة. ولعان المشرك في الكنيسة وأما في الزمان فيوم الجمعة بعد العصر، ولا بد من حضور جماعة، وأقلهم أربعة. وهذا التغليظ قيل : واجب. وقيل : مستحب.

فصل


معنى الآية :﴿ والذين يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾ أي : يقذفون نساءهم ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ ﴾ يشهدون على صحة ما قالوا « إلاَّ أَنْفُسُهُمْ » أي : غير أنفسهم ﴿ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بالله إِنَّهُ لَمِنَ الصادقين ﴾.


الصفحة التالية
Icon