قال أكثر المفسرين : المراد اللاَّئِي على دينهن.
قال ابن عباس : ليس للمسلمة أن تتجرد بين نساء أهل الذمة، ولا تبدي للكافرة إلا ما تبدي للأجانب إلا أن تكون أمة لها.
وكتب عُمَر إلى أبي عبيدة أن تمنع نساء أهل الكتاب من دخول الحمام مع المؤمنات. وقيل : المراد ب « نِسَائِهِنَّ » جميع النساء.
وهذا هو الأولى، وقول السلف محمول على الاستحباب.
قوله :﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾. وهذا يشمل العبيد والإماء، واختلفوا في ذلك : فقال قوم : عبد المرأة مَحْرَم لها يجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفاً، وأن ينظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة كالمحارم، وهو ظاهر القرآن، وهو مروي عن عائشة وأم سلمة. « وروي أن النبي - ﷺ - أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، وعلى فاطمة ثوب إذا قَنعْت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى رسول الله - ﷺ - ما تلقى قال :» إنه ليس عليك بأس، إنما هو أبوك وغُلامك « وعن مجاهد :» كنَّ أمهات المؤمنين لا يحتجبن عن مكاتبهن ما بقي عليه درهم «. وكانت عائشة تمتشط والعبد ينظر إليها.
وقال ابن مسعود والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب : لا ينظر العبد إلى شعر مولاته. وهو قول أبي حنيفة.
وقال ابن جريج : المراد من الآية : الإماء دون العبيد، وأن قوله :﴿ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾ أنه لا يحل لامرأةٍ مسلمة أن تتجرد بين امرأة مشركة إلا أن تكون تلك المشركة أمةً لها.
قوله :﴿ أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة مِنَ الرجال ﴾.
قرأ ابن عامر وأبو بكر :»
غَيْرَ « نصباً، وفيها وجهان :
أحدهما : أنه استثناء.
وقيل : على القطع، لأن »
التَّابِعِينَ « معرفة و » غَيْر « نكرة.
والثاني : أنه حال. والباقون :»
غيرِ « بالجر نعتاً، أو بدلاً، أو بياناً.
والإِرْبَةُ : الحاجةُ. وتقدم اشتقاقها في »
طه «.
( قوله :»
مِنَ الرِّجَالِ « حال من » أُولِي « ).

فصل


المراد ب ﴿ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة ﴾.
قال مجاهد وعكرمة والشعبي : هم الذين يتبعون القوم ليصيبوا من فضل طعامهم، لا همة لهم إلا ذلك، ولا حاجة لهم في النساء.
وعن ابن عباس : أنه الأحمق العنين.
وقال الحسن :»
هو الذي لا ينتشر ولا يستطيع غشيان النساء ولا يشتهيهن «.
وقال سعيد بن جبير : المعتوه. وقال عكرمة : المجبوب. وقيل : هو المخنّث. وقال مقاتل : هو الشيخ الهم والعنِّين والخَصِيّ والمجبوب ونحوه.
واعلم أن الخَصِيّ والمجبوب ومن يشاكلهما قد لا يكون له إربة في نفس الجماع، ويكون له إربة فيما عداه من التمتع، وذلك يمنع من أن يكون هو المراد، فيجب أن يحمل المراد على من لا إربة له في سائر وجوه التمتع لما روت عائشة قالت :


الصفحة التالية
Icon