« كانَ رجلٌ مخنَّثٌ يدخل على أزواج - النبي ﷺ - فكانوا يَعدُّونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي - ﷺ - يوماً وهو عند بعض نسائه، وهو ينعت امرأة فقال : إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمانٍ. فقال النبي - ﷺ - :» أَلاَ أرى هذا يعلم ما هَهُنا، لا يَدْخُلَنَّ هَذا « فحجبوه ».
وفي رواية عن زينب بنت أم سلمة « أن النبي - ﷺ - دخلَ عليها وعندها مخنَّث، فأقبل على أخي أم سلمة، فقال :» يا عبد الله، إن فتح الله غداً لكم الطائف دللتك على بنت غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان «. فقال عليه السلام :» لا يدخُلَنَّ عليكم هذا « فأباح رسول الله - ﷺ - دخول المخنث عليهن، فلما علم أنه يعرف أحوال النساء وأوصافهنَّ علم أنه من أولي الإربة، فحجبه.
وفي الخَصِيّ والمجبوب ثلاثة أوجه :
أحدها : استباحة الزينة الباطنة.
والثاني : تحريمها.
( والثالث : تحريمها ) على المَخْصِيّ دون المجبوب.
قوله :﴿ أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء ﴾.
تقدم في الحج أن الطفل يطلق على المثنى والمجموع، فلذلك وصف بالجمع.
وقيل : لما قصد به الجنس روعي فيه الجمع كقولهم :»
أَهْلَكَ النَّاسَ الدِّينَار الحمْر والدِّرْهَمُ البِيضُ «. و » عَورَاتِ « جمع عَوْرَةٍ، وهو ما يريد الإنسان ستره من بدنه، وغلب في السَّوأَتَيْن. والعامة على » عوْرات « بسكون الواو، وهي لغة عامة العرب، سكنوها تخفيفاً لحرف العلة. وقرأ ابن عامر في رواية » عَوَرَاتِ « بفتح الواو.
ونقل ابن خالويه أنها قراءة ابن أبي إسحاق والأعمش، وهي لغة هذيل بن مدركة. قال الفراء : وأنشد في بعضهم :

٣٨٢٨- أَخُو بَيَضَاتٍ رائِحٌ مُتَأوِّبٌ رَفِيقٌ بمَسْحِ المَنْكبَيْنِ سَبوح
وجعلها ابنُ مجاهد لحناً وخطأ، يعني : من طريق الرواة، وإلا فهي لغة ثانية.
( فصل )
الظهور على الشيء يكون بمعنى العلم به، كقوله تعالى :﴿ إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ ﴾ [ الكهف : ٢٠ ] أي : يشعروا بكم. ويكون بمعنى الغلبة عليه، كقوله :»
فَأَصْبَحُوا ظَاهِرينَ «.
فلهذا قال مجاهد وابن قتيبة : معناه : لم يطلعوا على عورات النساء، ولم يعرفوا العورة من غيرها من الصغر.
وقال الفراء والزجاج : لم يبلغوا أن يطيقوا إتيان النساء.
وقيل : لم يبلغوا حدّ الشهوة.

فصل


فأما المراهق فيلزم المرأة أن تستُر منه ما بين سرتها وركبتها، وفي لزوم ستر ما عداه وجهان :
الأول : لا يلزم، لأن القلم غير جار عليه.
والثاني : يلزم كالرجل، لأنه مشتهى، والمرأة قد تشتهيه، واسم الطفل شامل له إلى أن يحتلم وأما الشيخ فإن بقيت له شهوة فهو كالشاب، وإن لم تبق له شهوة ففيه وجهان :
أحدهما : أن الزينة الباطنة معه مباحة، والعورة معه ما بين السرة والركبة.


الصفحة التالية
Icon