قوله :﴿ قُلْ لاَ تُسألون عَمَّا أَجْرَمْنَا ﴾ أضاف الإجرام إلى النفس وقال في حقهم :« وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ » ذكر بلفظ العمل لئلا يحصل الإغضاب المانع من الفهم.
قوله :﴿ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنَا ﴾ يَوْمَ القِيَامَة « ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الفَتَّاحُ العَلِيمُ » وهاتان صفتا مبالغة وقرأ عيسى بن عمر « الفاتِحُ » اسم فاعل.
قوله :« أَرْوني » فيها وجهان :
أحدهما أنها علمية متعدية قبل النقل إلى اثنين فلما جيء بهمزة النقل تعدت لثلاثةٍ أولها « ياء » المتكلم ثانيها « الموصول »، ثالثها :« شركاء » وعائد الموصول محذوف أي أَلْحَقْتُمُوهُمْ.
والثاني : أنها بصرية متعدية قبل النقل لواحد وبعده لاثنين أولهما : يَاء المتكلم وثانيهما : الموصول و « شركاء » نصب على الحال من عائد الموصول أي بَصِّرُوني المُلْحَقِينَ به حالَ كونهم شركاء قال ابن عطية في هذا الثاني « ولا غناء » له أي لا مَنْفَعَة فيه يعني أن معناه ضعيف. قال أبو حيان : وقوله :« لا غناء له » ليس بجيد بل في ذلك تبكيت لهم وتوبيخ ولا يريد حقيقة التنزيل بل المعنى الذين هم شركاء لله على زعمكم هم ممن إن أريتموهم افتضحتم لأنه خشب وحجر وغير ذلك.

فصل


الضمير في « به » أي بالله أي أروني الذين ألحقتم بالله شركاء في العبادة معه هل يخلقون وهل يرزقون؟ كلاّ لا يَخْلُقُون ولا يرزقون.
قوله :« بل هو الله » في هذا الضمير قولان :
أحدهما : أنه ضمير عائد على الله تعالى أي ذلك الذي ألحقتم به شركاء هُو الله، و « الْعَزِيزُ الحَكِيمُ » صفتان.
والثاني : أنه ضمير الأمر والشأن و « اللَّهُ » مبتدأ، و « الْعَزِيزُ والْحَكِيمُ » خبران، والجملة... خبر « هو » والعزيز هو الغالب على أمره، ( و ) الحكيمُ في تدبير لخلقه فأنى يكون له شريك في ملكه؟
قوله :« كافَّةً » فيه أوجه :
أحدها : أنه حال من كاف « أَرْسَلْنَاكَ » والمعنى إلا جامعاً للناس في الإبلاغ. والكافة بمعنى الجامع والهادي لله للمبالغة كَهي في « علاَّمَة » و « رَاوِيَة » قال الزجاج : وهذا بناء منه على أنه اسم فاعل من كَفَّ يَكُفُّ، قال أبو حيان : أما قول الزجاج إنّ كافة بمعنى جامعاً، والهاء فيه للمالبغة فإن اللغة لا تساعده على ذلك لأن كف ليس معناه محفوظاً بمعنى « جَمَعَ » يعني أنَّ المحفوظ معناه « مَنَعَ » يقال : كَفّ يكُفُّ أي منع والمعنى إلا مانعاً لهم من الكفر وأن يشِذّوا من تبليغك، ومنه الكف لأنها تَمْنَعُ مَا فِيهِ.
الثاني : أن كافة مصدر جاءت على الفَاعِلَةِ كالعَاقِبَة والعافية وعلى هذا فوقوعها حالاً إما على المبالغة وإما على حذف مضاف أي ذَا كَافَّةٍ لِلنَّاسِ.


الصفحة التالية
Icon