قوله :﴿ يَزِيدُ ﴾ مستأنف و « مَا يَشَاءُ » هو المفعول الثاني للزّيادة. والأول لم يقصد فهو محذفو اقتصاراً لأن قوله في الخلق يُغْنِي عَنْهُ.

فصل


قول قتادة ومقاتل : ألوي أجنحة بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثةُ أجنحة، وبعضهم له أجنحة يزيد فيها ما يشاء وهو قوله :﴿ يَزِيدُ فِي الخلق مَا يَشَآء ﴾ قال ( عبد الله ) بنُ مسعود في قوله عزّ وجلّ :﴿ لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى ﴾ [ النجم : ١٨ ] قال : رأي جبريل في صورته له ستّمائةِ جَنَاح. « قال ابن شهاب في قوله :﴿ يَزِيدُ فِي الخلق مَا يَشَآء ﴾ قال : حسن الصوت وعن تقادة : هو المَلاَحَةُ في العينين وقيل : هو القعل والتمييز ﴿ إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
قوله :﴿ مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا ﴾ لما بين كمال القدرة ذكر بيان نفوذ المشيئة ونفاذ الأمر وقال :﴿ مَّا يَفْتَحِ الله ﴾ إن رحم الله فلا مانع له وإن لم يرحم فلا باعثَ له عليها. وفي الآية دليل على سبق الرحمة الغضب من وجوه :
أحدها : التقديم حيث قدم بيان فتح أبواب الرحمة في الذكر.
وثانيها : أنه أنّث الكناية فقال : فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا »
ويجوز من حيث العربية أن يقال :« لَهُ » عَوْداً إلى « ما » ولكن قال الله تعالى ذلك ليعلم أن المفتوح أبواب الرحمة فيه واصلة إلى من رَحِمَتُهُ وقال عند الإمساك :« وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ » بالتذكير ولم يقل « لها » فلم يصرح بأنه لا مرسل للرحمة بل ذكره بلفظ يحتلم أن يكون الذي يرسل هو غير الرحمة، فإن قوله ( تعالى ) ﴿ وَمَا يُمْسِكْ ﴾ عامٌّ من غير بيانٍ وتخصيص.
وثالثها : قوله من بعْدِه أي من بعد الله فاستثنى ههنا وقال :« لاَ مُرْسِلَ لَهُ إلاَّ اللَّهُ » وعند الإمساك قال : لاَ مُمْسِكَ لَهَا « ولم يقل غير الله لأن الرحمة إذا جاءت لا ترتفع فإن من رَحِمَهُ الله في الآخرة لا يعذبه بعدها هو ولا غيره ومن يعذبه الله قد يرحمه الله بعد العذاب كالفساق من أهل الإيمان.
قوله :﴿ مِنْ رَحْمَةٍ ﴾ تبين أو حال من اسم الشرط ولا يكون صفة ل »
ما « لأن اسم الشرط لا يوصف قال الزمخشري : وتنكير الرحمة للإشاعة والإبهام كأنه قيل : أيّ رحمةٍ كانت سماويةً أو أرضية؟ قال أبو حيان : والعموم مفهوم من اسم الشرط و » من رحمة « بيان لذلك العام من أي صنف هو وهو مما اجْتُزِئَ فيه بالنكرة المفردة عن الجمع المعرف المطابق في العموم لاسم الشرط وتقديره من الرحمات. و » من « في موضع الحال. انتهى.
قوله ﴿ وَمَا يُمْسِكْ ﴾ يجوز أن يكون على عمومه أيْ أيّ شيء أمْسَكَه من رحمة أو غيرها.


الصفحة التالية
Icon