وقال المبرد الثاني السَّحَاب؛ لأنهم لما رأوا السَّحاب كانوا راجين المَطَرَ انتهى يريد من قبل رؤية السحاب ويحتاج أيضاً إلى حرف عطف ليصح تعلق الحرفين بمبلسين. ( وقال الرُّمانِيُّ من قبل الإِرسال )، وقال الكِرْمَانِيُّ : من قبل الاسْتِبْشَار؛ لأنه قرنه بالإبلاس، ولأنه ( مَنَّ ) عليهم بالاستبشار ويحتاج قولهما إلى حرف العطف لما تقدم، وادعاء حرف العطف ليس بالسسهل فإن فيه خلافاً بعضهم يَقِيسُه، وبعضُهم لا يَقِيسُه، هذا كله في المفردات، أما إذا كان في الجمل فلا خلاف في اقتياسه.
وفي حرف عبد الله بن مسعود : وإنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ ينزل عَلَيْهِمْ لَمُبُلِسِينَ غير مكرر.
قوله :﴿ فانظر إلى آثَارِ رَحْمَةِ ﴾ قرأ أبنُ عامر والأخوانِ وحَفْصٌ بالجمع والباقون بالإفراد :( وَسلاَّمٌ ) بكسر الهمزة، وسكون الثاء وهي لغة فيه. وقرأ العامة « كَيْفَ يُحْيِي » بياء الغيبة، أي أثر الرحمة فيمن قرأ بالإفراد، ومن قرأ بالجمع فالفعل مسند لله تعالى وهو يحتمل في الإِفْرَادِ والجَحْدَرِيُّ وأَبو حَيْوَة وابْنُ السَّمَيْقع « تُحْيِي » بتاء التأنيث وفيها تخريجان أظهرهما : ان الفاعل عائد على الرحمة. والثاني : قاله أبو الفصل عائد على « أَثَرِ » وأنت « أثر » لاكتسابه بالإضافة التأنيث كنظائر ( له ) تقدمت، وَرُدَّ عليه بأن شرط ذلك كون المضاف ( بمعنى المضاف ) إليه أو من سببه لا اجنبياً، وهذا أجنبي و « كَيْفَ يُحْيِي » معلق « لأنْظُرْ » وهو في محل نصب على إسقاط الخافض. وقال أبو الفتح : الجملة من « كَيْفَ يُحْيي » في موضع نصب على الحال حملاً على المعنى انتهى. وكيف تقع جملة الطلب حالاً؟ وأراد برحمة الله هنا المطر أي انْظُرْ إلى حسن تأثيره في الأرض كيف يحيي الأرض بعد موتها؟!.
قوله :﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْييِ الموتى ﴾ أي إن ذَلك الذي يُحيِي الأرض لمُحْيِي الموتى، فأَتَى باللام المؤكدة لاسم الفاعل.