﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ] وهذا مبالغة في التكذيب.
قوله :﴿ لَّيَكُونُنّ ﴾ جواب القسم المقدر والكلام فيه كما تقدم وقوله :﴿ لَئِن جَآءَهُم ﴾ حكاية لمعنى كلامهم لا للفظه إذ لو كان كذلك لكان التركيب لَئِنْ جَاءَنَا لَنَكُونَنَّ.
قوله :﴿ مِنْ إِحْدَى الأمم ﴾ أي من الأمة التي يقال فيها : هي إحدى الأمم تفضيلاً لها كقولهم : هو إحْدَ ( ى ) الأَحَدَيْنِ قالَ :
٤١٦٥- حَتَّى اسْتَثَارُوا بِيَ إحْدى الإحَدِ | لَيْثاً هِزَبْراً في سِلاَح مُعْتَدِ |
فصل
معنى جاءهم أي صح لهم مجيئة بالمعجزة وهو محمد - ﷺ - « مَا زَادَهُمْ إلاَّ نُفُوراً » أي ما زادهم بمجيئة إلا تباعداً عن الهدى.
قوله :﴿ اسْتِكْباراً ﴾ يجوز أن يكون مفعولاً له أي لأجل الاستكبار وأن يكون بدلاً من « نُفُوراً » وأن يكون حالاً أي كونهم مستكبرين قال الأخفش.
قوله :« ومكر السيّء » فيه وجهان :
أظهرهما : أنه عطف على « استكباراً »
والثاني : أنه عطف على « نُفُوراً » وهذا من إضافة الموصوف إلى صفته في الأصل إذ الأصل والمَكْر والسيِّئ وقرأ العامَّةُ بخفض همزة « السيّئ » وحمزة والأعمش بسكونها وصلاً وقد تجرأت النحاة وغيرهم على هذه القراءة ونسبوها لِلِّحْنِ ونزهوا الأعمش من أن يكون قرأ بها. قالوا : وإنما وقف مسكناً فظُنَّ أنه واصل فغلط عليه. وقد احتج لها قومٌ بأنه إجراء الوصل مُجْرى الوقف أو أجري المنفصل مُجْرى المتصل وحسَّنة كون الكسرة على حرف ثقيل بعد ياء مشددة مكسورة وقد تقدَّمَ أَنَّ أبا عمرو يقرأ :« إلى بارئْكُمْ » « عند بارِئْكُمْ » بسكون الهمزة. فهذا أولى لزيادة الثقل هنا. وقد تقدم هُنا ( كَ ) أمثلة وشواهد، وروي عن ابن كثير « ومَكْرَ السّأي » بهمزة ساكنة بعد السين ثم ياء مكسورة ( و ) خرجت على أنها مقلوبة من السَّيْء، والسَّيْءُ مخفف ( من السيّء ) كالمَيْتِ من الميِّت قال الحَمَاسِيُّ :
٤١٦٦- وَلاَ يَجْزُونَ من حَسَنٍ بسَيْءٍ | ولا يَجْزُونَ مِنْ غِلَظٍ بِلِينِ |