٤١٦٩- فَتًى مَا بْنُ الأَغَرِّ إِذَا شَتَوْنَا | وَحُبَّ الزَّادِ فِي شَهْرَيْ قمَاحِ |
وقال الحسن : القامح الطامح يبصره إلى موضع قدمه. وهذا ينبو عنه اللفظ والمعنى. وزاد بعضهم مع رفع الرأس غَضَّ البصر مستدلاً بالبيت المتقدم :
٤١٧٠-........... | نغض الطرف كالإبل القماح |
قوله :﴿ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً ﴾ تقدم خلاف القراء في فتح السِّين وضمِّها والفرق بينهما مستوفًى آخرَ الكهف والحمد لله.
وأما فائدة السد من بين الأيدي فإنهم في الدنيا سالكُون فيبغي أن يَسْلُكُو الطّريقة المستقيةَ « مِنْ بَيْنِ أيْدِيهمْ سَدًّا » فلا يقدرون على السلوك وأما فائدة السد من خلفهم فهو أنَّ الإنسان له فِطْريَّة والكافر ما أدركها فكأنه تعالى يقول : جَعَلْنَا من بين أيديهم سدًّا فلا يسلكون طريق الاهتداء الذي هو فطرية وجعلنا من خلفهم سداً فلا يرجعون إلى الهداية والجبلية التي هي فطرية، وأيضاً فإن الإنسان مبدأه منا لله ومصيره إليه فعمي الكافر لا يبصر ما بين من المصير إلى الله، وما خلفه من الدخول في الوجود بخلق الله وأيضاً فإنَّ السالك إذا لم يكن له بدّ من سلوك طريق، فإن اشتدَّ الطريقُ الذي قدامه يفوته المقصد ولكمنه ريجع، وإذا اشتد الطريق من خلفه ومن قدامه والموضع الذي هو فيه لا يكون موضع إقامة يهلك. فقوله ﴿ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً ﴾ إشارة إلى هَلاَكِهِمْ فصاروا بمنزلة من يبنى عليه الحائط وهو واقفٌ.
قوله :﴿ فأغشيناهم ﴾ العامة على الغين المعجمة أي غَطَّيْنَا أبْصَارَهُمْ وهو على حذف مضاف. وابن عباس وعمرُ بن عبد العزيز، والحَسَنُ، وابنُ يعْمُرَ، وأبُو رَجَاءٍ في آخَرِينَ بالعين المهملة.
وهو ضعف البصر. يقال : عِشِيَ بَصَرُهُ، وأَعْشَيْتُهُ أَنَا.
وهذا يحتمل الحقية والاسْتِعَارَة.
فصل
قوله :﴿ فَأغْشَيْنَاهُمْ ﴾ بحرف الفاء يقتضي أن يكون الإغشاء مرتباً على جعل السد فما وجهه؟ فيقال من وجهين :
أحدهما : أن ذلك بيان لأمور مرتبة لي بعضها سبباً في العبض فكأنه تعالى قال : إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَلاَ يُبْصِرُون أنفسهم لإقماحهم، وجعلنا من بين أيديهم سداً ومِنْ خلفهم سداً فلا يبصرون ما في الآفاق وحينئذ يمكن أن يَروا السماء ما على يمينهم وشمالهم فقال بعد هذا كله : جَعَلْنَا عَلَى أَبْصَارهم غشاوة فلا يبصرون شيئاً أصلاً.